لا يريد نجيب ميقاتي أن يكون رئيس حكومة تشرف على الانتخابات، لكنه لن يستقيل قبل وضع قانون انتخابي جديد وتحديد موعد الاستحقاق الانتخابي. غير أن استمراره رئيسًا متوقف على استعادة التفاهم بينه وبين حلفائه، الذين بدأوا يمررون له رسائل التهديد المبطنة.


بيروت: حدثان سياسيان بارزان يتردد صداهما في الساحة اللبنانية، الأول كلام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي المتلفز الذي انتقد فيه صراحة أداء وزير الخارجية عدنان منصور، والثاني الكلام الذي أطلقه منصور في الجامعة العربية من الموضوع السوري. ومزج هذين الأمرين يضع الحكومة اللبنانية على المحك، لا سيما أن رئيسها أكد أنه لن يكون في موقعه للاشراف على الانتخابات النيابية، التي لم تظهر معالم إجرائها حتى الآن، وهي في حكم المؤجلة.
تتناقل الأوساط السياسية اللبنانية جهارًا أحاديث عن احتمالات انهيار الحكومة، مرتكزين في ذلك إلى ثلاثة عوامل هي: أولًا، إستياء ميقاتي الواضح من جملة أمور وهو يعبّر عنها في كل فرصة سانحة، كقوله أخيرًا أنه يخشى من أن يسجل حلفاؤه في مرماه هدفًا، أكثر من خشيته من خصومه. ثانيًا، غياب الانسجام بين مكوّنات الحكومة، إذ لا يتأخر وزراء تكتل التغيير والاصلاح ورئيسه النائب ميشال عون عن مهاجمة حكومة يسيطرون على ثلث مقاعدها. وثالثًا، إخفاق الحكومة في معالجة الكثير من الملفات المفتوحة، من معيشية واقتصادية، بجانب ملف النازحين السوريين وتدخل الأطراف اللبنانيين كافة في الأزمة السورية، وعجزها عن ضبط الوضع الأمني المتفلّت.

رسالة لم تصل

quot;مهلًا دولة الرئيس، من ركَّب هذه الحكومة هو الذي يقيلها، ومن قال إن حزب الله يتمسك بها أو يرفض التخلي عنها؟ تذكّر أن كرامتنا أكبر من كل الحقائب الوزارية والمناصب، ومن له اذنان فليسمع جيدًاquot;. هذه رسالة مباشرة إلى ميقاتي وردت في اثنتين من الصحف المحلية، نقلًا عمّا قيل إنه مرجع كبير في قوى 8 آذار، لكن أوساطًا سياسية رجّحت أن يكون هذا المرجع هو رئيس المجلس النيابي نبيه بري.
لم يقم خلدون الشريف، مستشار رئيس الحكومة، وزنًا لهذه الرسالة واعتبرها في حكم غير الموجودة، quot;لأن من يريد توجيه رسالة إلى رئيس مجلس الوزراء يعرف عنوانه ورقم هاتفه ويمكنه أن يوجه الرسالة مباشرة، والأهم أن من يخاطب رئيس الحكومة عليه أن يتوجه إليه بالشكل اللائق وبالاحترام الذي يتناسب ومقام رئاسة الحكومةquot;.
أضاف: quot;لا أستطيع أن أنسب هذا الكلام إلى أي قطب سياسي، لأن أحدًا لم يتبنّه، ونحن لا نرد على كلام يقال بهذا الشكل، فالكلام عن أن من أتى بالحكومة هو من يطيح بها مردود لصاحبه، لأن قرار استقالة الحكومة محصور في الأطر الدستورية، وجزءا أساسا منه بيد رئيسها أيًا كان هذا الرئيس، فاستقالة الحكومة مربوطة حكمًا باستقالة الرئيسquot;.
مصادر بري أخبرت quot;إيلافquot; أنه عندما يريد التصريح بشيء فهو يقوله علانية أو يحدد مصادره، إلا أن هذه المصادر ذكّرت بأن الحكومة يمكن أن تقال أيضًا، إذا ما سحب البرلمان الثقة منها.

سيستقيل.. إذا

أكد الشريف موقف ميقاتي أنه لن يكون على رأس حكومة تشرف على الانتخابات، لكنه يرهن استقالة ميقاتي بأمرين، أولهما التوصل إلى قانون انتخابي جديد، وثانيهما تحديد موعد لإجراء الانتخابات، quot;وميقاتي لن يستقيل قبل حصول الأمرين معًاquot;.
قال: quot;لا أظن أن هذا توقيت إستقالة الحكومة بقدر ما هو توقيت إعداد قانون انتخابي جديد يحفظ تداول السلطات ويحافظ على شرعية النظام والمؤسسات اللبنانيةquot;.
إلا أن أوساط بري أعلنت أن لا جديد في موضوع قانون الانتخاب، ملمّحة في الوقت ذاته إلى إمكان دعوة الهيئة العامة للمجلس النيابي للتصويت على مشروع قانون اللقاء الأرثوذكسي. وأفادت بأن ثمة حركة حوار بين الأفرقاء، لكنها لم تتبلور بعد، وموقف الرئيس بري معروف لجهة أن هناك قانونًا مطروح وهو لبنان دائرة انتخابية واحدة على أساس النسبية، والأرثوذكسي هو المشروع الموجود على المسار التشريعي، وخيار التوافق لا يزال قائمًا.

مستمرة

يؤكد الشريف أن سياسة النأي بالنفس مستمرة، وما حصل مع وزير الخارجية عدنان منصور في مصر وموقف رئيس الحكومة منها يجب أن تكون عبرةً لكل وزير، quot;فرئيس الحكومة بحسب نص الدستور هو من يعبّر عن سياسة الحكومة ويتحدث باسمها، وبالتالي فإن الذي ارتكبه الوزير منصور غير مقبولquot;.
اضاف: quot;كان واضحًا في اجتماع مجلس الوزراء تثبيت سياسة النأي بالنفس، وذلك من خلال الكلمة التي ألقاها وزير الإعلام نقلًا عن الرئيس ميقاتيquot;.