قبيل عطلة البرلمان العراقي، صادق أعضاؤه على ثلاث قوانين كحزمة واحده، تم الإتفاق عليها من قبل القوى السياسيه الرئيسه، والقوانين الثلاث كانت إقرار ميزانية عام 2008 بما فيها نسبة 17% لإقليم كوردستان العراق، إستجابة لرغبة التحالف الكوردستاني، وقانون العفو العام تلبية لرغبة العرب السنه، وأيضا قانون المحافظات تحقيقا لمطاليب العرب الشيعة.


مصادقة البرلمان جاءت أساسا لتحقيق مطاليب القوى الفاعله في دولة المحاصصه الطائفيه والعرقيه الفاشله، دون أن يكلف أي طرف نفسه عناء بحث ودراسة النتائج المستقبليه لإقرار هذا القانون أو ذاك على الأطراف العراقيه الأخرى او على مجمل الوضع العراقي الان ومستقبلا والذي يسير بخطى حثيثه من سيء الى أسوء، حتى ان البعض قال: أن سبب موافقة أعضاء البرلمان العراقي العتيد على حزمة القوانين هذه ليس مرده الاتفاق السياسي وإنما التهديد بحل البرلمان وبالتالي فقدان أعضائه الميامين مكاسبهم وإمتيازاتهم الخياليه، خاصة بعد وصول القوانين الى سدة الرئاسه الأولى وموافقة هذه الرئاسه على قانوني العفو العام والميزانيه وإعادة قانون المحافظات الى البرلمان بحجة وجود ثغرات رغم حصول الاتفاق السابق ولكن متى عرف السبب بطل العجب، فالقوى المتمسكة اليوم بكراسي السلطه، والتي لم تعد ممثلة للأغلبيه في البرلمان، تعرف حقيقة العزله القاتله التي تعيشها بعيدا عن الشارع العراقي، وأي انتخابات قادمه سيخرجها حتما من الكثير من المواقع التي تحتلها حاليا، هذا إذا لم يخرجها نهائيا، فالحزب الأسلامي الذي كان يطرح نفسه في مامضى كمرجعيه للسنه العرب، يعرف يقينا بأنه لم يعد كذلك وأن أي انتخابات جديده ستعيده الى حجمه الحقيقي، وإذا اخذت محافظة الانبار التي كانت يوما ما معقل للحزب كمثل، فالحزب لن يحصل على ربع المقاعد التي يحتلها اليوم خاصة بعد بروز الصحوه من جهه وفضيحة الاحدعشر الف شرطي وهمى لا وجود لهم !! ناهيك عن مواقف قيادته التي تكيل بمكيالين فهو في قمة هرم السلطه من جهه وهو معارض للسلطه من جهه اخرى!!


أما في الوسط والجنوب وعلى جبهة المجلس الإسلامي المسيطر على أغلبيه مجالس المحافظات، فمن المؤكد انه سيخسر الكثير من مواقعه لصالح الفضيله والتيار الصدري الذي تتنامى شعبيته باطراد ويسيطر عمليا على الشارع الشيعي، ان كان لابد من اللجوء الى مثل هذه التسميات والتعريفات الطائفيه، خاصة والتيار يحتضن الكثير من السنه العرب.


هذا فى الوسط والجنوب، وفي اقليم كوردستان، فمن المشكوك فيه ان يحصل التحالف الكوردستاني على نفس النسبه من مقاعد مجالس المحافظات، على الأقل في المناطق التي تقع خارج الأقليم، وعليه كان ولايزال من مصلحة الاطراف الثلاث الممثله في رئاسة الدوله، ان تلجأ الى تعطيل القانون بأي صورة ممكنه وطبعا ايسرها هو إعادة القانون الى البرلمان بحجة وجود ثغرات ونواقص فيه، فالاطراف الثلاث لاتريد ان تخسر مواقعها الحاليه بكل تأكيد وهى تعرف ان اجراء انتخابات مجالس المحافظات ليس في صالحها قطعا.


لما سبق يمكن فهم ردة الفعل الصارخه لبقية القوى السياسيه ضد إعادة القانون للبرلمان الذي يستمتع بعطلته، في الوقت الذي تتصاعد فيه نقمة الشارع العراقي على النظام والحكومه والبرلمان الفاشل أصلا ومن المؤكد ان عدم الموافقه على قانون المحافظات سيجر البلاد الى ازمة اعمق من كل الازمات الحاليه، خاصة مع وجود قيادات سياسيه ورؤساء احزاب وكتل تتراجع عن اتفاقاتها حتى قبل ان يجف توقيعها عليها كما حدث مع القوانين الثلاث التي مرروها كحزمة واحده ثم تنصلوا عن احداها.

سربست بامرني
[email protected]