في إستطلاع للرأي العام الأوروبي قبل سنتين .. جاءت النتيجه بأن 63% يعتقدون بأن إسرائيل تهدد السلام العالمي.. وبرغم عدم إلتزام إسرائيل بأي من القوانين الدوليه.. وإستعمالها المفرط للقوة العسكريه والإحراج الكبير الذي تسببه للعديد من الدول إلا أن مجلس الأمن لم يتعدى مناداة الطرفين الإسرائيلي وحزب الله إلى عدم إستهداف المدنيين.. ولم يدعو إسرائيل إلى التوقف الكلي عن التوغل وضرب المنشأت والمرافق الحيويه وتهجير المدنيين الآمنين .. هل هي مرة أخرى إزدواجية المعايير الغربيه في التعامل مع إسرائيل.. أم هو التخبط بذاته في كيفية فهم العقلية الشرقيه التي لا تنفك تعمل على دمار نفسها .. بتحرش أعمى غير قادر على تقدير عواقب الأمور بموضوعية وبميزان مدى الإستفاده والمصلحه بحيث لا يستفيد منه ومن نتائجه الكارثيه سوى إسرائيل.. ولكن وبعد فوات الأوان.. وبعد تكبد الخسائر الماديه والبشريه.... ثم نعود جميعا إلى الجامعه العربيه.. وإلى الدول العربيه.. وإلى مجلس الأمن الدولي.. بديبلوماسية الإستجداء.. لرفع العدوان الإسرائيلي الغاشم والمفرط في القوه.. وأنه لا يتكافأ إطلاقا مع ضرباتنا سواء من الصواريخ الكرتونيه.. أم من صواريخ الكاتيوشا. أم من صواريخ ايران..
الأسئله التي من الواجب طرحها تتعدد.. وفي تعددها توغل الألم في قلوبنا.. ولكن لا بد من طرحها.. لتبين الخطر الذي نسير إليه...
السؤال الأول والمهم.. أليس من المفروض حصول تنسيق مابين الحكومات وبين فصائل المقاومه لتقدير العواقب المنتظره للضربات العسكريه.. أم أن لفصائل المقاومه مطلق الحريه في التصرف بما يعني بوضوح وجود رأسين للسلطه.. ومن منهما يملك الشرعيه أكثر من الآخر لجر المواطن العربي.. للحياه أم الموت... ..
السؤال الثاني.. هل حققت المقاومه العسكريه وعلى مدى عشرات السنين السابقه أي شبر من تحرير الأرض والإنسان..
السؤال الثالث.. حقيقة أن قضية الأسرى تحظى بتعاطف لبناني شعبي متفاوت للمقاومه.. ولكنها لم تحظى في أي وقت من الأوقات على الإجماع الشعبي الكامل لاستعمال القوه العسكريه.. خوفا من مغبة قوة الرد الإسرائيليه..
وبرغم أن قضية الأسرى اللبنانيون و الفلسطينيون احد العوامل المشتركه بالكامل مابين حزب الله وبين المقاومه الفلسطينيه.. يبقى السؤال الآن هو لماذا إختار حزب الله هذا الوقت بالذات لمثل هذا التصعيد.. وهل يخدم هذا التصعيد الإنسان الفلسطيني.. هل سيحرر الأرض المحتله.. هل يخدم مصلحة لبنان واللبنانيون.. هل يخدم المصلحه العربيه. ..
لماذا هذا التصعيد وبالتحديد بعد قبول حماس بوثيقة الأسرى.. يوم 28-6... كقاعدة للتفاوض.. بما يعني ضمنيا الإعتراف بحق إسرائيل في الوجود.. ... بما يعني أيضا بأن حماس إرتأت بأنه لا مفر من التفاوض لأن مصلحة الإنسان الفلسطيني القابع تحت الإحتلال تقتضي ذلك ولأنه الطريق الوحيد ... أي أنه وفي نظر حزب الله يعني... الخروج عن الأيدلوجيه الإسلاميه التي ترفض كليا الوجود الإسرائيلي وتؤكد بأن فلسطيني أرض إسلاميه .. ولا وجود أو حق لإسرائيل فيها...
وبالتالي أشعلها حزب الله برغم علمه اليقين بأن..
المستفيد الأول والوحيد من هذا التصعيد .. هو إسرائيل.. أما المستفيد الثاني فهو ايران التي نجحت في تحويل الأنظار عن الموقف الشائك الذي تواجهه في رفض الدول الغربيه جميعها حقها في تخصيب اليورانيوم.. خوفا من تطويره إلى حد الوصول إلى إمتلاكها للقنبله النوويه.. ايران لا تسعى إلى الحرب المباشره مع العالم ومع إسرائيل ولا تسعى لتحرير فلسطين .. ولكنها تستعمل أجساد أبنائنا لإثبات قدرتها كلاعب سياسي.. لا يمكن التغاضي عنه قادر على التصعيد.. أو التهدئه إن أرادت.. ولإجبار المجتمع الدولي برمته على قبولها كقوه إسلاميه إقليميه ..
ستنجح إسرائيل في فرض شروطها.. وستنجح في تحجيم القدره العسكريه لحزب الله ولغيره من الأحزاب الإسلاميه.. ولكنها ستنجح أيضا في زيادة الراديكاليه الإسلاميه.. وزيادة التطرف الإسلامي.. وتبقى الأرض مشتعله والإنسان يحترق...

أحلام أكرم - باحثه وناشطه في حقوق الإنسان