مذكرات توقيف غيابية سوريّة بحق شخصيات لبنانيّة وأجنبيّة

حزب الله يجهز نفسه لهجوم سياسي وإعلامي للتشكيك بالمحكمة الدولية

أعرب الحريري عن quot;الاسفquot; لاصدار القضاء السوري مذكرات توقيف في حق مقربين منه الا انه دعا الى quot;عدم التصعيدquot;، مجددا في الوقت نفسه تمسكه بالمحكمة الدولية التي تنظر في اغتيال والده رفيق الحريري.

بيروت، القاهرة: نقل وزير الاعلام طارق متري الاثنين عن رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري انه اكد خلال جلسة لمجلس الوزراء مساء الاثنين quot;اسفه لصدور مذكرات التوقيف وانه كان يتمنى ان يحول تطور العلاقات بين لبنان وسوريا دون حدوث ما حدثquot;.

واضاف متري في بيان صدر عقب الجلسة الوزارية ان الحريري quot;حذر من مغبة التصعيد الذي يفاقم الهواجس والمخاوف لدى اللبنانيين، وشدد على سيره في العمل من اجل بناء افضل العلاقات مع سورياquot;.

وعلق رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان على المذكرات السورية قائلا quot;نتمنى الا تصدر هذه المذكرات بحق شخصيات لبنانية سياسية وقضائية وامنية واعلامية، لا سيما واننا احلنا قضية quot;شهود الزورquot; الى وزير العدل الذي اعد تقريرا سوف يدرس في مجلس الوزراءquot;.

وراى ان quot;المسألة قانونية وتستحق متابعة قضائية وغير سياسية ومن خلال الوزارتين المختصتين (...) ولكن يجب ان تجري المتابعة دون التعرض للعلاقات المميزة مع سورياquot;. وقد اعلن وزير الاعلام ان الحكومة quot;قررت تكليف وزير العدل ابراهيم نجار متابعة القضية مع نظيره السوري بظل احترام الاصول القانونية وبما يحقق العدالة والسيادة الوطنيةquot;.

واكد مجلس الوزراء في الوقت نفسه quot;الحرص على تعزيز العلاقات اللبنانية السوريةquot;. وتأتي مذكرات التوقيف وسط تصعيد سياسي داخلي بين فريق الحريري وخصومه وعلى راسهم حزب الله الذي يشن حملة عنيفة على المحكمة الدولية، مشككا بمصداقيتها نتيجة تقارير تتحدث عن احتمال توجيه الاتهام اليه في جريمة اغتيال الحريري.

واكد الحريري اليوم انه quot;لا يمانع في تأجيل البحث في موضوع تمويل المحكمة الى جلسة لاحقةquot;. وجدد التزامه quot;بالمحكمة والحكمة والحوار سبيلا لمعالجة كل المشكلات، رغم اننا لسوء الحظ لم نصل الى حالة من الهدوء تساعدنا على التصرف الحكيمquot;. وقال سليمان من جهته امام مجلس الوزراء انه quot;في ما يتصل بالمحكمة الخاصة بلبنان، لا بد من تناول جوانبها كافة ومراحلها المختلفة، فقد تقرر انشاؤها في مجلس الامن وتبنتها هيئة الحوار والتزمت بها البيانات الوزارية المتعاقبةquot;.

لكنه اعتبر ان المحكمة quot;تعرضت للجدل بسبب انخفاض صدقيتها لدى الرأي العام اللبناني (...) مما يقتضي العمل على تعزيز صدقيتها من خلال الاستقلالية والابتعاد عن التسييس والتفتيش عن كل القرائن والادلة والنظر في مختلف الاحتمالاتquot;. وشدد على ان quot;الموضوع يتطلب معالجة عاقلة وحوارا هادئا على نحو يحفظ التماسك الوطني دون الاطاحة كليا بالالتزامات الدولية للبنانquot;.

القاهرة: محاولة تعطيل محكمة لبنان لن تحقق أهدافها

وعلى صعيد متصل، أعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية حسام زكي الاثنين أن مصر والسعودية quot;تدعمانquot; المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، واعتبرتا أن محاولات تعطيلها quot;لن تحقق هدفهاquot;.

وقال زكي الذي رافق وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط في زيارته إلى جدة الاثنين، ان الاخير استعرض مع نظيره السعودي الامير سعود الفيصل quot;عددا من الموضوعات وعلى رأسها الوضع فى لبنان وتطورات الأوضاع فى العراق وجهود تحقيق السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل إضافة إلى الملف النووي الإيراني وتطوراتهquot;.

وسئل زكي عما اتفق عليه وزيرا خارجية مصر والسعودية تجاه الوضع فى لبنان، فقال quot;إن الوضع فى لبنان دقيق في ضوء التوترات الحالية وكان الرأي السائد فى اللقاء هو ضرورة إلتزام كل الأطراف باستقرار لبنان ودعم حكومته إضافة إلى دعم عمل المحكمة الدولية الخاصةquot;.

وتابع المتحدث باسم الخارجية المصرية ان quot;كلا من مصر والسعودية لهما موقف واضح والمحاولات المبذولة لتعطيل عمل المحكمة هي محاولات لن تحقق الهدف منهاquot;. وتابع quot;بالتالي وجهة نظر مصر هي أن المساعي المبذولة من أجل الاستقرار في لبنان يجب أن تراعي هذه النقاط كماأن هذه المحكمة مهمة من أجل مستقبل لبنان ومن أجل وقف عمليات الاغتيال السياسي في هذا البلدquot;.

وردا على سؤال حول quot;سعي بعض الأصوات داخل لبنان لتشويه دور مصر فى الملف اللبناني واتهامها بتدريب ميليشيات سنية وميليشيات من حزب القوات اللبنانيةquot;، قال زكي quot;نحن اعتدنا على وجود البعض الذي لا يهمه على الإطلاق استقرار الوضع فى لبنان ويهمه أيضا إبعاد مصر عن لبنان، ونحن نعرف من يقف وراء هذه الأصوات ونعرف من يحركها ولكن لا نتعامل معها حتى على المستوى الإعلامي لأننا نثق أن الجميع يعلم الأسلوب الذي تدير به مصر سياستها الخارجية وبالذات في الملف اللبناني، كما أننا نثق في حكمة كل من يستمع إلى هذا الكلامquot;.

وأضاف quot;لكن طالما طرح هذا السؤال، فبالتأكيد أن هذا الكلام لا أساس له، والهدف منه بالنسبة لنا معروف، وهو محاولة إبعاد مصر عن دورها الذي يسعى للاستقرار في لبنان ولن يتحقق مثل هذا الهدف، لأن مصر متمسكة بأن تلعب دورا داعما للدولة اللبنانية ولمؤسساتهاquot;.

ويشهد الوضع في لبنان حاليا توترا شديدا في ضوء الخلاف العميق بين فريق رئيس الحكومة سعد الحريري وحزب الله حول المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال رفيق الحريري.

وفي حين يطالب حزب الله بوقف عمل هذه المحكمة بعد ان تسربت انباء صحافية عن امكانية توجيه القرار الاتهامي اتهامات لعناصر من الحزب بالتورط في اغتيال الحريري، يؤكد رئيس الحكومة سعد الحريري مع حلفائه في قوى 14 آذار التمسك بالمحكمة ورفض quot;اي تسوية في شأنهاquot;.

إلى ذلك تلقى الرئيس المصري حسني مبارك اتصالا هاتفيا مساء اليوم من رئيس الوزراء اللبناني. وجرى خلال الاتصال الهاتفي التشاور وتبادل الآراء إزاء آخر التطورات على الساحة اللبنانية.

تكليف وزير العدل بمتابعة قضية مذكرات التوقيف
في سياق متصل، أعلن طارق متري وزير الاعلام اللبناني أن مجلس الوزراء كلّف وزير العدل اللبناني إبرهيم نجار بأن يتابع مع نظيره السوري أحمد حمود يونس قضية مذكرات التوقيف الغيابية التي أصدرها القضاء السوري بحق لبنانيين وعرب وأجانب، بينهم قضاة وضباط وسياسيون وإعلاميون.

وجاءت مذكرات التوقيف السورية في إطار دعوى المدير العام السابق للأمن العام اللبناني اللواء جميل السيد أمام القضاء السوري على عدد كبير من الشخصيات بتهمة المشاركة في quot;فبركة شهود زورquot; أدلوا بحسب قوله بإفادات كاذبة أمام لجنة التحقيق الدولية وتسببوا بسجنه لمدة 3 سنوات و9 أشهر مع ثلاثة ضباط آخرين للاشتباه بتورطهم في عملية اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري.

وكان القضاء السوري قد طلب في شهر ديسمبر/كانون الأول من العام 2009 من السلطات اللبنانية تبليغ المدعى عليهم لاستجوابهم. إلا أن القضاء اللبناني رد طلب القضاء السوري quot;لعدم قانونيتهquot; على اعتبار أن quot;الجرائم المدعى بها واقعة على الأراضي اللبنانيةquot;. وأوضح متري في تصريح للصحافيين بعد اجتماع مجلس الوزراء أن quot;الأخير أكد الحرص على تعزيز العلاقات اللبنانية السوريةquot;. لافتًا إلى أن الموضوعات المثارة على الساحة الداخلية، وأهمها المحكمة الدولية وتمويلها وشهود الزور ومذكرات التوقيف السورية تتطلب معالجات هادئة وعاقلةquot;.

وخلال الاجتماع أعرب الرئيس اللبناني ميشال سليمان عن أمله في عدم صدور مذكرات التوقيف بحق شخصيات لبنانية، لا سيما وأن لبنان أحال قضية شهود الزور إلى وزير العدل حتى يتابعها مع الجانب السوري.