تشتد وطأة التجاذب السياسي الحاد بين حزب الله وحلفائه أو ما يسمى بقوى 8 آذار من جهة، وتيار المستقبل وما بقي الى جانبه مما يسمى بقوى 14 آذار من جهة اخرى، حيث يشكل الصراع السياسي بين هذين الطرفين واجهة لـ quot;الكباشquot; السياسي الدائر بين القوى الاقليمية والدولية التي تقف وراء كل منهما، وذلك على وقع القرار الاتهامي المتوقع صدوره عن قاضي التحقيق الدولي في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري دانيال بلمار.

باتت الاوضاع السياسية والامنية في لبنان مرهونة بلحظة ارتطامها بالقرار الاتهامي المذكور، ويبدو اتجاه سير تلك الاوضاع الداخلية متجها وفق خط بياني متصاعد من التوترات المتواصلة وبعض الاحداث الامنية المتنقلة بين مكان وآخر، تغذيها الشائعات المتداولة عن إجراءات احترازية اتخذتها بعض القيادات السياسية والامنية التي نقلت اماكن سكنها من العاصمة بيروت الى مناطق اخرى أكثر امنا بالنسبة لها، وذلك على ضوء معلومات حول تقديم موعد صدور القرار الاتهامي الى نهاية شهر تشرين الثاني المقبل، تجمع التسريبات السياسية والاعلامية والاستخبارية على اتهامه عناصر من حزب الله في المشاركة بتنفيذ عملية الاغتيال.

ويتكثف الضغط السياسي على رئيس الوزراء سعد الحريري بعد الدخول السوري المباشر على خط التطورات الداخلية اللبنانية عبر مذكرات الجلب التي أصدرها القضاء السوري بحق عدد من الشخصيات السياسية والاعلامية والامنية والقضائية اللبنانية، يشغل قسما كبيرا منها فريق عمل الحريري، ووضع هذا الفريق تحت مرمى نار الاتهامات السياسية والملاحقة القضائية، بغية تدمير البنية السياسية والاعلامية والامنية والقضائية التي قام عليها مشروع قوى 14 آذار، بعد اغتيال الحريري في 14 شباط 2005، ووصولا الى اسقاط الحكومة الحالية، بعد ان بات ذلك هدفا سوريا ثابتا ونهائيا بغية تشكيل حكومة جديدة تمسك من خلالها وعبر وزراء مقربين منها بملفات الامن والقضاء والدفاع، وضمان تركيبة حكومية لبنانية تعزز النفوذ السياسي السوري المباشر في لبنان، ترجمة لتحسن موقع سوريا ودورها الاقليمي، ولضمانها الشروط اللبنانية الداخلية من اجل مواجهة القرار الاتهامي الذي لا تأمن جانبه، ويطاول في الوقت نفسه حليفها الاستراتيجي على الساحة اللبنانية حزب الله، وللحد من استثمار القرار المذكور من قبل القوى الاقليمية والدولية ضدها وحلفائها في لبنان.

ويؤكد مصدر اعلامي مقرب من حزب الله، أن الاوساط القيادية للحزب اصبحت على قناعة تامة بان القرار الاتهامي يشكل الفصل الاخير من حرب تموز العام 2006 التي شنتها اسرائيل من اجل توجيه ضربة عسكرية وسياسية قاضية للحزب، دون ان تحقق هدفها في حينه، ويرسم المصدر سيناريو ما بعد صدور القرار الاتهامي بحق الحزب الذي يتوقع المصدر نفسه، بانه سيشمل ما يقارب 160 كادرا عسكريا، قادوا عملية المواجهة مع الجيش الاسرائيلي خلال حرب العام 2006 بما فيهم قائده العسكري الذي اغتيل في دمشق عماد.

وتشكل لحظة صدور القرار الاتهامي وفق المصدر الاعلامي المقرب من حزب الله، نقطة انطلاق لمجموعة من التطورات السياسية والعسكرية التي تبدأ بانعقاد مجلس الامن الدولي وإصداره قرارا باعتبار حزب الله تنظيماً إرهابياً، ويشكل ذلك فرصة ذهبية لاسرائيل لشن حرب غير مسبوقة على لبنان، تهدف الى تدمير البنية العسكرية والسياسية للحزب، وان كل ما يحصل حاليا هو quot;نوع من تمرير الوقت، تشترك فيه قوى دولية وعربية وداخلية لبنانية، quot;تواطأتquot; خلال حرب تموز2006 مع إسرائيل لضرب حزب الله، وذلك الى حين صدور القرار الاتهامي، دون ان تعيد هذه القوى النظر في مراهنتها مرة اخرى على دور إسرائيل بضرب الحزبquot;.

ويلفت المصدر الى انه اذا كان حزب الله لا يريد السلطة الكاملة في لبنان وهو امر ثابت لديه، فان دقة التطورات المقبلة تفرض عليه الحسم في الخيارات، وبالتالي كشف الكثير من القضايا واعلان اسماء وادوار الاشخاص الذين قاموا بالتآمر عليه خلال حرب تموز 2006، وكانوا شركاء في المشروع الاسرائيلي للقضاء على quot;المقاومةquot;، وكيفية quot;فبركةquot; ما يسمى بـ quot;شهود الزورquot; في قضية الحريري، ومن كان يقدم لهم الاموال، وتولى تأمين جوازات سفرهم وانتقالهم من بلد الى آخر، وما على هؤلاء الاشخاص سوى الاستعداد لدفع الثمن هذه المرة والاطاحة بهم، والذي لابد ان يكون الشرط الاساسي لأي تسوية او تهدئة سياسية للصراع المحتدم حاليا والمتوقع ان يصل الى حدوده القصوى خلال الاسابيع المقبلة.