متابعة خاصّة: انتخابات بريطانيا 2010 |
شيمة الحكومات الائتلافية التنازل. لكن هذا التنازل لا يكون عن الجوهر وإنما يتعلق عادة بالحواشي وبمواضيع لا تمس المبادئ الأساسية.
وهو عادة يكون بين طرفين لا تفصل بينهما سوى مساحة اختلافات صغيرة نسبيًّا. ولذا فقد جاء ائتلاف المحافظين البريطانيين مع الليبراليين الديمقراطيين مثيرًا للدهشة بسبب التباعد الآيدلوجي الكبير بين الحزبين مع البرلمان المعلق الذي افرزته الانتخابات.
ومن الناحية الآيدلوجية، فإن العمال هم الأقرب الى الليبراليين في ما يتعلق بالمسائل الاقتصادية والضريبية والدفاعية والخارجية. لكن مقاعد الحزبين مجتمعة لا تصل الي عتبة الـ326 اللازمة للأغلبية، وهكذا صار التآلف مع المحافظين هو أول وربما آخر فرصة تاريخية لأن يتذوقوا طعم الحكم. ومن جهة المحافظين فقد كان عليهم إما قبول الليبراليين أو الانفراد بالسلطة في حكومة أقلية عاجزة ولذا صار ما صار.
والخميس أصدر الحزبان بيان ائتلافهما الختامي فحمل ما يؤكد أن المصالح الحزبية تأتي أحيانًا على حساب الجوهر والمبادئ. فقد تنازل اليبواليون عن أهم مطالبهم على الإطلاق وهو إصلاح النظام الانتخابي بحث يعتمد quot;التمثيل النسبيquot; بدلاً عن quot;الحر المباشرquot; الذي يشكل سبب بقاء المحافظين أحد الحزين الكبيرين مع العمال.
ديفيد كاميرون (يمين) ونك كليغ |
وتنازل الليبراليون عن مطلبهم التخلي عن نظام الردع النووي ممثلا في غراصات ترايدانت التي يكلف استئجارها من الولايات المتحدة 45 مليار دولار سنويًا. وفي المجال الاقتصادي وافقوا على خطة المحافظين لخفض الإنفاق العام بستة مليارات جنيه (حوالى 9 مليارات دولار) خلال السنة المالية الحالية وهو ما كانوا - مثل العمّال - يرفضونه قبل الانتخابات. وفي مسائل أصغر حجمًا تنازلوا مثلاً عن خططهم الرامية لفرض ما يسمى quot;ضريبة المنازل الفاخرةquot; من مليوني جنيه (3 ملايين دولار) فما فوق. كما تنازلوا عن quot;العفوquot; الذي وعدوا به المهاجرين غير الشرعيين الذين قضوا أكثر من خمس سنوات في البلاد.
ومقابل هذا فاز الليبواليون بأربعة مقاعد رئيسية في مجلس الوزراء إضافة الى 16 مقعدا حكوميا. وفوق هذا كله فقد كبحوا جماح شركائهم في مجالات أخرى أبرزها ما يلي:
- التفاوض مع الاتحاد الأوروبي حول ميثاق الحقوق الأساسية، والعدالة الجنائية، وقوانين العمل بغرض الانعتاق من بنودها. البيان الختامي يكتفي بالقول إن الحكومة ستعيد دراسة التشريعات الأوروبية.
- كان المحافظون ينوون منح السلطات البلدية السلطة لاختيار هيئة منتخبة تقرر أولويات أجهزة الشرطة المحلية. لكن هذا الأمر يسبح داخل تعابير هلامية في البيان الختامي.
- لا زيادة في ضريبة المجالس البلدية.
- تنازل المحافظون عن تحديد أهداف بعينها في ما يتصل بالصحة في العمل والتخلص من أي اعتبارات سياسية في هذا المجال.
- وعد البيان بـquot;مراجعةquot; ما يعرف باسم quot;ضريبة الختمquot; المجباة على شراء المنازل. وكان المحافظون قد وعدوا في بيانهم بإعفاء المشتري للمرة الأولى منها حتى عتبة ربع المليون جنيه. كما تخلوا عن خططهم لضرائب أخرى منها وضع الأزواج والشركاء الضريبي، ووضع اولئك الذين لديهم مصالح تجارية في بريطانيا لكنهم غير مقيمين فيها.
- قبل المحافظون رفع عتبة ضريبة الدخل الى 10 آلاف جنيه، وزيادة ضريبة المكاسب الرسمالية من 18 في المئة الى 40 في المئة، بناء على طلب الليبراليين.
وبشكل عام يبدو أن الليبراليين حققوا مكاسب أكبر مما حققه المحافظون وراء هذا الائتلاف. وهذه حقيقة تكتسب أبعادًا هائلة لها بالنظر الى أن مقاعد الليبراليين لا تتعدى 57 في البرلمان الحالي بينما يتمتع المحافظون بـ305 مقاعد. لكن هذه هي إحدى نتائج العوز في أي برلمان معلّق.
التعليقات