انقسم الساسة اللبنانيون بشأن قرار التصويت في الأمم المتحدة لفرض عقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي، وفي الوقت الذي أيّدت فيه قوى 14 آذار قرار الامتناع عن التصويت، فإن قوى 8 آذار رأت في الخطوة ضربة لإيران التي كانت تأمل بوقف لبناني معارض للعقوبات وليس مجرد امتناع عن التصويت.


شكل موقف لبنان بالإمتناع عن التصويت في مجلس الأمن بشأن فرض عقوبات على إيران، تعزيزا للمشهد المنقسم بالأساس في بيروت، وفي الوقت الذي كانت فيه بعض الأطراف ترغب في أن ترفض لبنان قرار فرض العقوبات على طهران بسبب برنامجها النووي وعدم الاكتفاء بالإمتناع عن التصويت، فأن أطرافا أخرى أيدت قرار لبنان في مجلس الأمن واعتبرته كافيا.

ورغم أن التصويت اللبناني ليس ذات أهمية كبيرة ولا يغير مجرى قرارات الأمم المتحدة، إلا أن البعض رأى فيه موقفا يمكن من خلاله التعبير عن وجهة النظر إزاء الملف الإيران.

وبينما أيدت قوى 14 آذار قرار الامتناع عن التصويت، فأن قوى 8 آذار أكدت أن الموقف اللبناني يجب أن يكون أكثر وضوحا من خلال رفض فرض عقوبات على إيران.

من جهتها ذكرت شبكة quot;سي أن أنquot; في موقعها على الانترنت باللغة العربية أن إيران كانت تتطلع إلى موقف لبناني معارض في مجلس الأمن، إذ سبق لأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، سعيد جليلي، أن قال لدى تسّلم بيروت منصبها الدوري في المجلس الدولي، إن حضور لبنان هو quot;بالنيابة عن دول المقاومة.quot;
وكانت الحكومة اللبنانية قد اجتمعت ليل الثلاثاء للنظر في التصويت في مجلس الأمن، فوقف رئيسها سعد الدين الحريري ووزراء قوى quot;14 آذارquot;، وعددهم 14 وزيراً إلى جانب quot;عدم التصويتquot;، بينما وقف رئيس الجمهورية، ميشال سليمان، ومن يمثله بالحكومة، إلى جانب وزراء المعارضة، وعددهم 14 وزيراً أيضاً مع التصويت برفض العقوبات، وإزاء تعادل الأصوات أبلغت الحكومة ممثلها في مجلس الأمن بأنها quot;لم تتوصل لقرار.quot;


وسارع رئيس البرلمان، نبيه بري، وهو أحد أركان المعارضة، إلى مهاجمة القرار، ووصل الأمر به إلى حد اعتبار أن quot;التصويت بأقل من الموقف التركي (الرافض للعقوبات) يعني بشكل أو بآخر فعلاً كأننا نأخذ موقفا إلى جانب الدعم الإسرائيليquot;، داعياً إلى ضرورة الوقوف مع إيران quot;تلك الدولة الصديقة، والتي وقفت ولا تزال إلى جانب لبنان.quot;
وفي وقت بدأ البعض يتوقع ظهور انعكاسات قريبة على الوضع الحكومي اللبناني، قال المحلل السياسي اللبناني، محمد سلام، لموقع quot;سي أن أنquot; بالعربية، إن ما جرى كان عبارة عن quot;مخرج سياسي قرر إنتاج هذا المشهد تفادياً للإحراج العام.quot;


وعن موقف بري، قال سلام: quot;لقد حاول رئيس البرلمان أن يقول إن علينا الاندفاع خلف الموقف التركي، وفي واقع الأمر فإن هذه ليست إلا محاولة لترويج تأييده لطهران، من خلال إلباس تركيا الموقف الإيراني، على أمل أن يبتلع جزء من اللبنانيين ذلك.quot;
وأضاف: quot;هذا الثوب كان مفصلاً للسنّة تحديداً، عبر الإشارة إلى تركيا، ولكن السنّة لم يلبسوه لعدم رغبتهم في تأييد إيران، ولذلك تساوى الامتناع مع الرفض في مجلس الوزراء.quot;

حزب الله ينتقد
وقد انتقد حزب الله قرار الحكومة اللبنانية الامتناع عن التصويت معتبرا ان القرار الدولي quot;جائر ومجحفquot;.
وقال حزب الله في بيان له انه كان يامل في ان يعكس موقف لبنان quot;صورة اكثر بهاء وقوة وتعبيرا عن قدرة اللبنانيين على التوافق، خصوصا ازاء رفض التجني والظلم اللذين ذاق لبنان مرارتهما طويلاquot;.

ووصف الحزب الشيعي المدعوم من سوريا وايران القرار بانه quot;جائر ومجحف ومناف لابسط قواعد النزاهة والعدلquot;، محذرا من ان quot;لعبة المصالح الاستكبارية (...) لن تسهم الا في زيادة الاوضاع تعقيدا في منطقتناquot;.واعتبر ان التاريخ quot;سيسجل الموقف المنصف لتركيا والبرازيل الرافض لفرض عقوبات جديدة ضد ايران، ولن تستطيع الدول التي صوتت مع القرار ايجاد التفسير المقنع للبشرية حاضرا ومستقبلاquot;.

وقال وزير الاعلام طارق متري، بحسب ما جاء في بيان صادر عن مجلس الوزراء، ان المجلس quot;قرر الطلب الى مندوب لبنان الدائم في الامم المتحدة ابلاغ مجلس الامن ان الحكومة اللبنانية لم تتوصل الى قرارquot;.

وعزا ذلك الى quot;تعادل الاصوات بين الموافقين على الامتناع عن التصويت والموافقين على رفض مشروع القرار المذكورquot;، مشيرا الى انه quot;جرى التشديد على شرح الموقف اللبناني بعد التصويت، لا سيما في عدم موافقة لبنان على السير في نهج العقوباتquot;.

واوضح الوزير وائل ابو فاعور من كتلة جنبلاط ردا على سؤال لتلفزيون quot;المؤسسة اللبنانية للارسالquot; صباح الخميس ان تصويتا حصل في مجلس الوزراء حول تاييد العقوبات، وان quot;كل المجلس صوت بالاجماع ضد العقوباتquot;.

واشار الى ان التصويت على الامتناع حصل quot;لاعتبارات داخلية وبعض العلاقات الدوليةquot;. وقال وليد جنبلاط من جهته لصحيفة quot;السفيرquot; الصادرة الخميس quot;لسنا دولة كبرى مثل تركيا والبرازيل و(...) ما فعلناه يجنبنا غمار لعبة الاممquot;.