كشفت التحقيقات فتح الرئيس السابق مبارك حساباً مصرفياً لصالح مكتبة الإسكندرية لكن التصرف به يعود اليه شخصياً

لم يكن سؤال الرئيس العراقي السابق صدام حسين عن قيمة تبرعات الراحلين الملك فهد بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية والشيخ زايد آل نهيان رئيس الإمارات العربية المتحدة لمكتبة الإسكندرية للعلم بالشيء فقط، بل كي يزيد عليهم، ولا يقلّ عنهم أو يتساوى معهم، كما قال مبارك في التحقيقات.

القاهرة: التحقيقات التي أجريت مع الرئيس السابق في شرم الشيخ بينت إلى حد كبير كيف كان يجمع الأموال لمصلحة المشاريع الكبيرة والحيوية في مصر، وكيف أن إتصالاته الشخصية كانت وراء عدد من المشروعات الناجحة، مثل مكتبة الاسكندرية والمتحف المصري ومستشفى السرطان، التي جمع جزءاً من أموالها بإتصالات هاتفية مع الزعماء العرب.

وكشفت التحقيقات قيام الرئيس السابق بفتح حساب لمصلحة المكتبة، ولكن التصرف به يعود إليه شخصياً ـ كما اعترف في التحقيقات ـ مبرراً ذلك بخشيته على تلك الأموال من سوء الإستخدام في أمور أخرى للحفاظ عليها من الإهدار، وكانت المرة الأولى التي يستخدم فيها هذا الحساب عندما طلب مدير المكتبة 5 ملايين دولار لإنشاء امتداد للمكتبة، لكنه سمح بـ 3 ملايين فقط.

الرئيس بيّن أن التبرعات التي بلغت 70 مليون دولار آنذاك كانت عبارة عن 20 مليون دولار من الملك فهد، وأخرى مثلها من الشيخ زايد، و5 ملايين من السلطان قابوس، و5 ملايين من الرئيس الليبي معمّر القذافي.

في حين أن الرئيس العراقي السابق صدام حسين، الذي لم يحضر حفل وضع حجر الأساس، سأل الرئيس المصري في مكالمة هاتفية عن قيمة تبرع كل من الشيخ زايد آل نهيان والملك فهد بن عبدالعزيز، وعندما أخبره قال له على الطريقة المصرية quot;علي بـ 21 مليون دولارquot;... وزاد عليهم بمليون دولار، رغبة منه في أن لا يكون أحد تبرع بمثله أو أكثر.

على الرغم من المصائب التي تتكالب في الوقت الراهن على الرئيس السابق، إلا أنه تبسم للمحققين عندما ذكر لهم هذه الواقعة، وتشير مصادر مقربة من محامي الرئيس أن الجميع ابتسم، ولكن إبتسامة الرئيس كانت مصحوبة بألم، كحال التحقيقات شبه اليومية التي تجري معه، حيث أشارت صحيفة الأخبار المصرية إلى أن مبارك تنتابه الكثير من موجات البكاء، والتي يتوقف معها التحقيق، ويتطلب تدخل الأطباء المعالجين في بعض المواقف لقياس نبضه وضربات قلبه، ويتعجب رئيس فريق التحقيق من الرجل، الذي كان منذ أشهر عدة قادراً على إبكاء الملايين.

الغريب كما جاء في التحقيقات أن الحساب الخاص بالمكتبة تم فتحه بقيمة 71 مليون دولار، فيما تشير النيابة في أوراقها أنه تم التحفظ على الحساب، ووجد مبلغ 143 مليون دولار فيه، كما إن الرئيس السابق أكد في التحقيقات أن هناك 5 حسابات لا يتم التصرف بها إلا بوساطته، وقد تم تجميدها مباشرة في اليوم الثاني للتنحّي، وفق تأكيداته، وهو ما أثبتته النيابة أيضاً.

وكشفت تحقيقات النيابة أن الرئيس السابق حصل من صديقه الهارب حسين سالم على عدد من القصور الفاخرة، تزامنت في الوقت عينه مع منح سالم العديد من التسهيلات في شرم الشيخ المخالفة للقانون، التي جعلت منه يلقب باسم quot;إمبراطور شرمquot;، ولم يستطع مبارك أن يبرر سر حصوله على تلك القصور بأسعار متدنية سوى أن الأسعار كانت في ذلك الوقت quot;رخيصةquot;، وشرم لم تكن معمورة. ولكن تحريات مباحث الأموال العامة بيّنت للنيابة أن هناك فيلات وقصورًا بيعت في الفترة نفسها بأضعاف القيمة المثبتة في عقد تملك الرئيس للقصر.

مازال أمام الرئيس الكثير من التحقيقات، ربما تمتد إلى مالا نهاية، خاصة أنه في كل يوم يتم توجيه دفة التحقيقات إلى تهمة جديدة، ومع إنتظار المؤتمر الصحافي الذي سيعقد خلال أيام، وسيعلن فيه المستشار عاصم الجوهري مساعد وزير العدل رئيس اللجنة القضائية المشكلة من القوات المسلحة لاسترداد الأموال، النتائج التى توصلت إليها اللجنة والجهود المبذولة فى هذا الصدد لإسترداد أموال مبارك، خاصة وأن الصحف المصرية أكدت أيضاً أن الولايات المتحدة أبلغت مصر أن ثروة الرئيس السابق، التي تم تجميدها لديهم بلغت 31 مليار دولار، حينئذ ستكون هناك لائحة إتهامات أخرى جديدة لمبارك، ربما تكون النقطة الفاصلة في حياته السياسية والعامة.