عمان: بعد أكثر من عام على الربيع العربي في الجوار، لا زال الأردن يشهد احتجاجات شعبية وسط اتهامات للسلطة quot;بالمماطلةquot; في الاصلاح الذي تؤكد الحكومة انه في المسار السليم بينما يرى محللون ان quot;العقلية الأمنيةquot; تعيقه.

وعدلت السلطات اكثر من اربعين مادة في الدستور واقرت قانونا لانشاء هيئة مستقلة للاشراف على الانتخابات فيما يتحاور رئيس الوزراء عون الخصاونة مع المعارضة حول قانون انتخابي جديد في المملكة التي تشهد احتجاجات متواصلة مطالبة بالاصلاح الشامل منذ كانون الثاني/يناير 2011.

ويؤكد زكي بني ارشيد رئيس المكتب السياسي في حزب جبهة العمل الاسلامي الذراع السياسية للاخوان المسلمين في الاردن واكبر احزاب المعارضة ان quot;الاصلاحات التي حدثت غير كافية والشعب بدأ صبره ينفذ كفى مماطلةquot;.

ويضيف أن quot;الفرص الزمنية التي منحها الشعب والقوى الوطنية الاصلاحية للنظام نفدت والواضح هو عدم جدية النظام في احداث اصلاح حقيقي وعدم وجود ارادة سياسية بإحداث اصلاح جادquot;. وما تم من اصلاحات بالنسبة لهذا القيادي الإسلامي quot;لا يكفي لتغيير لعبة القواعد السياسية في الاردن ومرحلة التحول الديموقراطي في المملكة لم تبدأ بعد بشكل حقيقيquot;.

واكد بني ارشيد ان quot;الحراك الشعبي ما زال مستمرا والنموذج الذي نراه نافذا هو ان يدفع النظام استحقاقات الاصلاح المتمثلة في اجراء تعديلات دستورية تتناول تشكيل الحكومة ومجلس النواب ومجلس الأعيانquot;.

من جانبه، نفى راكان المجالي وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة وجود quot;اي تسويف او مماطلةquot;، مشيرا الى ان quot;عملية الاصلاح تسير في الاتجاه السليم وحسب الجدول الزمني المقرر لهاquot;.

واضاف ان quot;هناك من يتصور ان الأمور تنجز بكبسة زر والواقع ان انجاز التشريعات والقوانين الإصلاحية يحتاج الى وقت خصوصا انها تستدعي حوارا وطنيا واستشاراتquot;. واشار المجالي الى quot;قانون الهيئة المستقلة للانتخابات الذي اقره البرلمان هذا الإسبوع وقانون الأحزاب والمحكمة الدستورية اللذين اقرتهما الحكومة وهما قيد المناقشة في مجلس النوابquot;.

واضاف quot;قبل نهاية هذا الشهر سندفع بقانون الانتخابquot;. ورأى ان quot;الحكومة ملتزمة بجدول زمني لاقرار القوانين ذات التوجه الإصلاحي، والأمور تسير بشكل سليم وفي وقتها المحددquot;. وانتقدت مجموعة الأزمات الدولية في تقرير لها الأسبوع الماضي quot;التسويف في الاصلاحquot; في المملكة مؤكدة ان quot;موجة الانتفاضات العربية لم تجتاح الاردن الا انها في نفس الوقت لن تمر دون اي تأثير عليهquot;.

وأشارت إلى أنّ quot;التصدعات بدأت تظهر في ركائز النظام، مما يحتم عليه اجراء تغييرات شاملة او مواجهة اضطرابات واسعة النطاقquot;. ودعت الى quot;اصلاحات ذات مصداقية على النظام الانتخابي توفر تمثيلا اكثر عدلا للمراكز الحضرية، مصحوبة بمزيد من الاهتمام الحكومي بالاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية للمناطق الريفيةquot;.

كما حضت السلطات على quot;ضمان المساءلة عن الفساد وانتهاكات حقوق الانسان، ومنح صلاحيات حقيقية للبرلمان وانشاء مجلس اعيان منتخبquot;، اضافة الى quot;وضع حد او على الأقل تقليص دور الهيئات غير المنتخبة، وعلى رأسها اجهزة الأمنquot;.

ويتفق محللون سياسيون على ان quot;العقلية الأمنيةquot; تعيق الاصلاح في المملكة. ويقول المحلل لبيب قمحاوي ان quot;الاجهزة الامنية لا تزال سيدة الموقف وهناك قليل جدا من الخطوات التي يمكن ان تصنف بأنها خطوات اصلاحية حقيقيةquot;.

ويرى ان quot;الفرص التي سنحت للنظام لان يتبنى نهجا اصلاحيا حقيقيا ومثمرا قد تم اضاعتها عن قصدquot;. ولا يختلف المحلل السياسي حسن ابو هنية مع القمحاوي، فيرى ان quot;الأجهزة الامنية تهيمن على الأجهزة التشريعية والقضائيةquot;، معتبرا ان quot;الاصلاحات التي حدثت تجميلية وليست جوهريةquot;.

ويضيف quot;لا اعتقد ان الأمور في الاردن ستتحرك بشكل كبير. ليس هناك دخول حقيقي في صلب عملية الاصلاح حتى اللحظةquot;، مشيرا الى ان quot;هذا يوضح عدم وجود ارادة حقيقية لعملية الإصلاح والتغييرquot;.

ويرى ابو هنية ان quot;هناك رهانا على ان الوضع السوري سيطول وبالتالي الشارع الاردني لن يرفع من سقف توقعاتهquot;. ويتسائل quot;هل ننتظر ان يمتد اثر الحراك الشعبي الى جميع المدن والمحافظات حتى نبدأ الاصلاح؟ وبالتالي نفقد السيطرة. ينبغي لصانع القرار ان يتنبهquot;.

وتشهد المملكة تظاهرات كل اسبوع تقريبا ضد الفساد وquot;القبضة الأمنيةquot; للمطالبة بالاصلاح الشامل وquot;وقف التدخلات الأمنية بالحياة العامةquot;. واطلق العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني في كانون الاول/ديسمبر الماضي حملة لمكافحة الفساد طالت عددا من المسؤولين السابقين وكبار رجال الأعمال.

وفي شباط/فبراير الماضي تم توقيف محمد الذهبي الذي شغل منصب مدير المخابرات بين عامي 2005 و2008 بتهم تتعلق بالفساد بينها تبييض اموال، بعد شكوى تقدم بها البنك المركزي الاردني. ويقول قمحاوي انه quot;تم التعامل مع قضايا فساد بسيطة والالتفاف على القضايا الكبيرة هنالك محاولة لإجهاض التحرك العام نحو محاربة الفساد ووضع حد لهquot;.

ويضيف ان quot;الشعور بالإحباط والغضب في ازدياد نتيجة لتلكؤ السلطة في التعامل مع قضايا الاصلاح السياسي والفساد وهناك تململ في اوساط السلطة التي تريد الآن ان تضع حدا للحراك الشعبي ومطالب الإصلاح وسقفا نهائيا لهاquot;.

ويرى ان quot;المملكة مقبلة على صيف ملتهب وقد يكون هناك نزعة لدى السلطة لاستخدام الامن الخشن بدلا من الامن الناعم، لن يكون هناك ارضية مشتركة للحوار ان لم يتم استعمال العقلquot;.