محمد الحمامصي من القاهرة: أكد المنسق العام لمؤتمر المثقفين المستقلين د. علاء عبد الهادي أن تصريح وزير الثقافة فاروق حسني الأخير الذي اتهم فيه الموقعين على بيان رحيله بأنهم تجار ثقافة، تصريح دال على المستوى المتدني الذي وصلت إليه لغة موظف كبير في علاقته بالمثقفين.
وقال quot;يعرف المثقفون جيدا من هم تجار الثقافة، ومن هم تجار الإنشاءات والمباني، وتجار الآثار، والمخطوطات، وأصحاب الحرائق، وقتلة المسرحيين، ومقترفي الاختلاسات، والسرقات، والسلوكات المشينة، المثقفون يعرفون من استفاد على مدى عقدين، ممن باعوا الكلام، ولعبوا بقضايا مصيرية كقضية التطبيع من أجل مناصب زائلة، وباعوا لوحاتهم أو صبغاتهم لمقاولين، ورجال أعمال، بمئات الآلاف، وما زالوا حتى الآن - لسوء حظنا- مسيطرين على أهم مقدرات مصر الثقافية. إن الفساد الإداري، وما يجري في الوزارة من أحداث لا تدل إلا على الإهمال والتفريط في مقدرات مصر الثقافية، وهو أمر واضح لجموع المثقفين، حتى لو قدم الوزير كل يوم كبش فداء جديد، ويعلم الجميع عدد المتاحف التي أغلقها الوزير حتى الآن، وكأنه يكرر ما فعله بعد حريق بني سويف، هذه اقتناعاتنا حتى لو أقام الوزير عشرات المؤتمرات الصحفية التي تبرر للمسئولين عنه استمراره الواهن، وبقاءه في موقع لا يستحقهquot;.
وكشف المنسق العام إن انعقاد مؤتمر المثقفين المستقلين quot;في حد ذاته كاف للدلالة على قدرة المثقفين المصريين على الفعل النقدي، وعلى أن لهم موقفا ثقافيا مؤثرا تجاه ما يحدث الآن على المستويين المحلي والدولي، من أجل هذا نأمل أن يجاوز مؤتمر المثقفين المستقلين الأول دوره بصفته طلقة كاشفة إلى التأثير في القرار السياسي..
ورأى أنه quot;لا يمكن أن يتجاهل عاقل كلّ هذا العدد من أصوات النقد المتصل والجارح التي تهاجم وزير الثقافة وموظفيه كلّ يوم، وذلك من مواطنين، ومثقفين لا مصلحة لهم غير التعبير عن حقّ مصر في مستقبل ثقافي أفضل، ومن أصوات صادقة وشريفة، مازالت تعبر عن احتياج مجتمعنا الى حركة ثقافيّة حقيقية، لها أثر اجتماعي لافت وملموس، ثقافة جديدة قادرة على مواجهة الفساد، والمحافظة على مقدرات مصر، وثرواتها، ذلك بعد أن أصبحت الوزارة في عهد الوزير فاروق حسني، ومن خلال السياسات الثقافية الخاطئة التي يتبناها، أصلح مكان تنفق عليه الحكومة لتفريخ المعارضةquot;.
وأضاف quot;لقد عانت الثقافة المصرية في ظل سياسات وزارة الثقافة القائمة، من غياب مجموعة من العناصر اللازمة لأية ثقافة كي تنهض اجتماعياً; سواء على مستوى تردي أحوال الكتاب والمبدعين المادية والثقافية، أو على مستوى غياب استراتيجية ثقافية لها سياسات واضحة في ظل الشرط الحضاري المعيش، فأضحينا الآن شهودًا على أسماء قديمة ومحنطة، لمثقفين وأنصاف مثقفين ndash;أكاديميين وغير أكاديميين- شغلت الجهاز الإداري لوزارة الثقافة سنوات طويلة، حاجبة حق الأجيال الجديدة في صنع مستقبلها الثقافي، والمشاركة فيه، فاستخدمتهم المؤسسة ndash;كما استخدموها ndash; وتلاعبت بهم ndash;كما تلاعبوا بها- بعد أن أصيبت بالعماء، وأصاب الشلل والعجز أقدامها. وهذا ليس مستغربًا، فقد كان هدف الوزير من البداية وضع المثقفين في الحظيرة ndash;على حد تعبيره - متوجهًا بذلك إلى تدجين المثقفين لا إلى بناء الثقافة. وكان شعار quot;مهرجان لكل مواطنquot; هو السبيل الوحيد للتنوير!quot;
هذه الواقع دفع quot;مجموعة من المثقفين إلى الإعلان لبدء الإعداد لـ(مؤتمر المثقفين المستقلين الأول)، الذي يعقد تحت مظلة نقابية، وعنوانه (سلطة الثقافة أمام ثقافة السلطة)، وهو مؤتمر نحاول فيه مجاوزة ما أسميه ثقافة الأزمة القائمة، من خلال إتاحة الفرصة لجمّاع القوى الثقافية الموجودة على الساحة الآن، باتجهاتها وتياراتها كافة، كي تطرح رؤيتها النقدية إلى السياسات الثقافية القائمة، فبدأنا باستشارة عدد من المثقفين من الشعراء والمسرحيين والتشكيليين والنقاد والمفكرين عن فكرة عقد مؤتمر مستقل، فوافق عدد كبير منهم على الفكرة، ورأوا أن الوقت ملائم لهذه المناسبة، وتشكلت لجنة تحضيرية مصغرة للمؤتمر، مثلت تيارات أدبية وفكرية مختلفة، وبدأت في وضع المحاور، وسارت العجلة إلى الأمام بنجاح حتى الآن. ومن المنتظر أن تتسع اللجنة التحضيرية لتضم عددا من الأعضاء الممثلين للفنون والآداب كافةquot;.
وأشار د.علاء عبد الهادي إلى أن المؤتمر يقوم على أربعة محاور منها ما يهتم بتقديم قراءات عن بيئة الثقافة المصرية، ومنها ما يرصد علاقة المثقف بالسلطة، وهناك أكثر من محور يهتم بنقد تجليات الفساد في أداء المؤسسات الثقافية القائمة، فضلا عن محاور تناقش اقتصاديات الثقافة، وقضية التطبيع مع الكيان الصهيوني، ولا تقف محاور مؤتمر المثقفين المستقلين الأول عند النقد، بل تجاوزه إلى طرح المسار البديل، وذلك عبر تقديم رؤى استراتيجية لما تحتاجه الثقافة المصرية في وضعنا الراهن، من هذا المنطلق كان اهتمامنا في مؤتمرنا القادم بما سيطرحه المثقفون المستقلون من آراء تمس المصلحة العامة مباشرة دون حسابات، وهم مثقفون وأدباء وكتاب ومبدعون يمثلون كتلة ثقافية مهمة، ورفيعة الأداء إذا ما أتيح لها فرصة المشاركة، وإذا ما تركت مساحات العزلة؛ سواء المفروضة عليها، أو التي فرضتها على نفسها لسبب اعتراضها على السياسات الثقافية القائمةquot;.
وأوضح quot;من أجل هذا رأت اللجنة التحضيرية أن أهم الآراء النقدية في مؤتمرنا القادم تكمن في طرح المسكوت عنه، وفي الإسهام في وضع رؤية ثقافية استراتيجية حرة لمسارات ثقافية بديلة. وقد بدأنا خطة المؤتمر بمحورين نقدين على السياسات الثقافية، والمؤسسات القائمة، لأنها الخطوة الأولى التي تحدد من نحن، وماذا نريد، ذلك بعد أن أفرغت أنشطة وزارة الثقافة بنشاطاتها الكرنفالية العمل الثقافي من مضمونهquot;.
وأكد المنسق العام لمؤتمر المثقفين المستقلين أن المؤتمر ليس مؤتمرا موازيا quot;لأنه قد يتقابل في عدد من محاوره مع مؤتمر الوزارة، لكنه مؤتمر مستقل، تقيمه طليعة ثقافية، من مختلف الاتجاهات الأدبية والثقافية والتيارات.على أية حال، قررت اللجنة التحضيرية أن تقيم هذا المؤتمر بصرف النظر عن مؤتمر الوزير. وأظن أن الوقت قد حان لأن يستمع السياسي إلى صوت المثقف، فالصراع العالمي القادم في رأينا، هو صراع ثقافي في مقامه الأولquot;.