قال الرئيس العراقي جلال طالباني لدى اجتماعه في بغداد اليوم مع قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال ريموند اوديرنو الذي جاءه مودعاً اثر انتهاء مهامه أن العراقيين لن ينسوا التضحيات التي قدمتها القوات الأميركية من أجل حرية بلدهم.. بينما انتقد نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي الطريقة التي يدار بها الملف الامني.. فيما عبرت جماعة علماء ومثقفي العراق عن خشيتها من ان تكون تفجيرات امس هي تصفية حسابات مابين القوى السياسية ومنظوماتها داخل الأجهزة الأمنية وضحاياها المواطنون.

وامتدح الرئيس العراقي جلال طالباني خلال لقائه مع اديرنو quot;الدور الذي لعبه الجيش الأميركي وجنوده نساءاً ورجالاً في تحرير العراق ومشاركته القوات العراقية في مقارعة قوى الظلام والارهابيين وتطهير مناطق شاسعة من البلاد من دنس الارهاب والعمل على تأهيل القوات العراقية من حيث التدريب والتجهيز والانتقال بها إلى مرحلة جديدة لتكون مؤهلة وعلى أهبة الاستعداد لتولي واجباتها في استيعاب هذه المرحلة والنجاح في بسط الأمن ومواجهة التحدياتquot; كما قال مكتبه. كما أشاد quot;بالدور المتميز للجنرال اوديرنو في التعاون والتنسيق بين القوات الأميركية والعراقية في المجالات العسكرية واللوجستية كافةquot;.. واصفاً إياه quot;بالصديق الوفي الذي سيبقى في ذاكرة الشعب العراقيquot;.

وأكد طالباني قائلا quot;أن الشعب العراقي ممتن للجيش الأميركي لدوره في التحرر من الديكتاتورية البغيضةquot; موضحاً quot;أن العراقيين لن ينسوا التضحيات التي قدمتها القوات الأميركية منذ العام 2003 من أجل حرية العراق. واضاف أن هذا الأمر فند الشائعات التي تقول ان النفط كان السبب الرئيس وراء مجيء القوات الأميركية إلى العراق لأن الواقع أظهر أن الولايات المتحدة جاءت من أجل تحرير الشعب العراقي من أبشع دكتاتوريات العصر الحديث.

من جانبه اشار الجنرال اوديرنو إلى أن المهمات القتالية للقوات الأميركية في العراق شارفت على الانتهاء وان المهمة الآن تتركز على تدريب وتجهيز القوات العراقية وتقديم المشورة لها وان تلك المهمات ستناط بالقوات العراقية التي بدأت بالتنامي. واوضح أن القوات الأميركية حققت الكثير من خلال تشكيل نواة الجيش والقوات المسلحة العراقية على وفق طراز عصري ومهني.

وأضاف اوديرنو أن العمل الآن سيتركز على تفعيل الاتفاقيات الاستراتيجية بين العراق والولايات المتحدة في المجالات الاقتصادية والثقافية والتعاون في مجال الطاقة أيضاً معبراً عن أمله في أن يرى عراقاً ديمقراطياً مستقراً ومتحداً.. وقال quot; العراق الديمقراطي القوي سيلعب دوراً مهماً في الاستقرار والأمن في المنطقةquot;. وشدد على ان quot;الولايات المتحدة ستبقى صديقاً وحليفاً استراتيجياً للعراق والعراقيين وستواصل دعمها عمليته السياسية ومسيرته الديمقراطيةquot; مشيراً إلى أن واشنطن ستعمل على توسيع العلاقات وأطر التعاون الاقتصادي والدبلوماسي والثقافي والتجاري و المجالات الأخرى كافة مع بغداد.

ومن المنتظر ان يشهد قصر الفاو في بغداد (أحد قصور الرئيس السابق صدام حسين) الاربعاء المقبل مراسيم تغيير القيادة العامة لقوات الولايات المتحدة الأميركية في العراق من الفريق الأول رايموند اوديرنو الى الفريق لويد اوستن.

واعلنت القوات الاميركية هذا الاسبوع ان عديد قواتها في العراق سيتقلص مع نهاية الشهر الحالي الى 50 الفا حيث يجري منذ الاثنين سحب وحدات اميركية من العراق باتجاه الكويت بعد ان كان عدد هذه القوات الشهر الماضي 88 الف عسكري.

الهاشمي ينتقد الطريقة التي يدار بها الملف الامني
وعلى الصعيد الامني انتقد نائب ال العراقي طارق الهاشمي الطريقة التي يدار بها الملف الامني مؤكدا ان هذه الطريقة يعتريها القصور.

وقال الهاشمي في بيان حول التفجيرات التي ضربت 7 محافظات عراقية وادت الى سقوط حوالي 300 عراقي بين قتيل وجريح انه سبق له وان نبه منذ سنوات الى ان طريقة إدارة الملف الأمني يعتريها قصور واضح لكن نصائحنا المتواصلة كانت كثيراً ما تذهب أدراج الرياح أمام الثقة المفرطة بما يتم اتخاذه من إجراءات. وقال quot;في وقت يعتصر فيه الألم قلوبنا لما يتعرض له الوطن والمواطن من تفجيرات وحشية وجرائم إرهابية لم يعد هناك حقاً الكثير ليقال بل حتى الحديث لم يعد مسوغاً أمام تكرار الهجمات الإرهابية نتيجة تقادم الخطط الأمنية وارتباك تنفيذها وشيوع التراخي والغفلة وهو ما وفر للإرهابيين والقتلة ميزة المباغتة في المكان والزمان. الأمر الذي يستلزم وقفة مراجعة جادة ومسؤولة وجريئة على الصعيد الوطني من أجل ايقاف شلال الدم وحماية أرواح العراقيين ومدنهم وأحيائهمquot;.

واشار الى ان القوات المسلحة المسلحة وأجهزتنا الأمنية رغم التطور الذي حققته في بعض المجالات والتضحيات السخية التي قدمتها لا زالت بحاجة إلى المزيد من الإعداد والتطوير والتجهيز لتكون مؤهلة بصورة كافية لمواجهة التحديات الأمنية كما هي على الأرض وأبرزها استشراء الخروقات والثغرات التي جعلت منتسبي الجيش والشرطة أهدافاً سهلة للمجرمين والقتلة. وقال في بيان صحافي quot;لكن مناشداتنا ونصائحنا المتواصلة كانت كثيراً ما تذهب أدراج الرياح أمام الثقة المفرطة بما يتم اتخاذه من إجراءات، والمبالغة في تصوير ما تحقق من منجز أمني والاصرار على عدم مراجعة الخطط الأمنية وتقويمهاquot;. ودعا جميع العراقيين المستهدفين من قوى الإرهاب سياسيين وموظفين حكوميين مدنيين وعسكريين ومواطنين عاديين إلى أخذ تدابير الحيطة والحذر.. مع التأكيد على القوات المسلحة وألاجهزة الأمنية ضرورة التحلي بأقصى درجات اليقظة وأن يبقوا أيديهم على الزناد تحسباً؛ ذلك أن معركة أمن العراق لم تنته بعد ولا زال أمام العراقيين في هذا المجال طريق طويل وشاق.

وشدد في الختام على ان بيانات الإدانة والاستنكار لم تعد تنفع ولم تعد المناشدات والنصائح ذات جدوى فالمشكلة الأمنية في العراق لن تحل إلا بالتواضع أمام دماء العراقيين الزكية والإقرار بإخفاق الطريقة المتبعة في إدارة الملف الأمني التي باتت بحاجة إلى مراجعة عامة وشاملة كجزء من اعتذار ينبغي تقديمه للشعب العراقي المنكوب على ما يحيق به يومياً من جرائم دموية ومجازر وحشية. واكد ضرورة الشروع بتقييم جاهزية القوات المسلحة والأجهزة الأمنية من قبل خبراء ومتخصصين quot;وهو ما يجب أن تكون له الأولوية على طاولة حكومة الشراكة الوطنية المقبلة التي يتطلع إليها الجميعquot;.

جماعة علماء ومثقفي العراق : مخاوف تصفيات من وراء التفجيرات
دعت جماعة علماء ومثقفي العراق الحكومة والفعاليات السياسية الى الاعتراف بأن التدهور الأمني أصبح السمة العامة في حياة العراق والعراقيين اليوم وان الأزمة القائمة هي سياسية تنعكس أمنيا في صراعات والمتضرر الوحيد فيها هو العراقي الذي أصبح يخشى على حياته ليلا ونهارا.
وقالت الامانة العامة للجماعة حول التفجيرات والعمليات التي استهدفت رجال الشرطة ودورياتهم ومقراتهم الثابتة امس إن من حاول تفجير الموقف الأمني يمتلك دقة وتنظيما وتخطيطا عجزت الجهات الأمنية المختصة عن إجهاض تدابيره التي جاءت نتائجها مفجعة وحركت لدى المواطنين مشاعر الخوف والاضطراب والقلق من المستقبل القريب.

وأبدت الجماعة خشيتها إن يكون ما حدث نهار الأربعاء من استهدافات هو تصفية حسابات مابين القوى السياسية ومنظوماتها داخل الأجهزة الأمنية والضحية هم المواطنون. وخاطبت السياسيين في بيان صحافي تلقت quot;ايلافquot; نسخة منه قائلة quot;فيا أيها السياسيون عليكم مراعاة الله بالعراقيين وكفوا إذاكم عنهم لان مصير العراقيين وكرامتهم أصبح لعبة بأيدي الاحتلال الغاشم وبأيديكمquot;.

واشارت الى انه على الرغم من إعلان الناطق الرسمي لوزارة الدفاع (اللواء الركن محمد العسكري) انه تم إجهاض اثني عشر هجوما من أصل تسعة عشر فان حجم الكارثة التي لحقت بالمواطنين يوم امس كان كبيراً ويستدعى النظر في المقولات والدفوعات التي تتبناها الأجهزة الحكومية ومن ثم الاتهامات التي تسقطها على جهات بعينها. وخاطبت السياسيين قائلة quot; ان توافقاتكم لم تجلب الكهرباء ولم توفر الماء الصالح للشرب ولم تبعد شبح الازمات المستديمة.. فكيف بصراعاتكمquot;. ودعت الحكومة والفعاليات السياسية الى الاعتراف بأن التدهور الأمني اصبح السمة العامة في حياة العراق والعراقيين اليوم وان الأزمة القائمة سياسية تنعكس أمنيا في صراعات.