يثور جدل عارم بشأن دعوات المعارضة الجزائرية لإنشاء quot;مجلس تأسيسيquot;، حيث يعتبره فاعلون بمثابة بوّابة للتغيير لكن أضلاع الائتلاف الحاكملا يرونجدوىمنهفي ظلّغياب ايأزمة سياسية في البلد، بنظرهم.بينما يعتبر quot;شباب الفايسبوكquot; أنّ فرص قيام مجلس تأسيسي ضئيلة احتكاما لاستحالة قيام النظام الحالي بتغيير جذري.


الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة

الجزائر: تتبنى فصائل المعارضة الجزائرية بمختلف أطيافها quot;العمالquot;، quot;جبهة القوى الاشتراكيةquot;، quot;الجبهة الوطنية الجزائريةquot;، quot;التجمع من أجل الثقافة والديمقراطيةquot; مطلب المجلس التأسيسي، بيد أنّ ذلك لا يحظى بتأييد قوى الموالاة التي يمثلها quot;جبهة التحريرquot;، quot;التجمع الديمقراطيquot; وquot;حركة مجتمع السلمquot;، وهم أبرز حلفاء الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة.

وفي تصريحات خاصة بـquot;إيلافquot;، يشدّد quot;جلول جوديquot; القيادي في حزب العمال، على أنّ تكريس الديمقراطية الحقيقية يكون بانتخاب مجلس تأسيسي يتمتع بكل الصلاحيات بما فيها صياغة دستور جديد للبلاد وممارسة الرقابة على الحكومة.

جلول جودي القيادي في حزب العمال الجزائري

ويلفت الرقم الثاني في التشكيلة اليسارية التي تتزعمها quot;لويزة حنونquot;، إلى أنّ المجلس التأسيسي يمثل الأساس السليم لإصلاح سياسي يستكمل الإصلاح الاقتصادي الذي سمح بإرساء ما سماها quot;قطيعةquot; مع إملاءات صندوق النقد الدولي، ومكّن الجزائر من تدارك العجز الاجتماعي والاقتصادي وتبعات مخطط إعادة الهيكلة، بجانب مضاعفة حجم نفقاتها لصالح الفئات الهشّة.

وإذ يثمّن جودي ما ورد في رسالة الرئيس بوتفليقة (19 آذار/مارس الماضي) بشأن إصلاح سياسي عميق، فإنّه يتصور أنّه لا بدّ من بعث المجلس التأسيسي لافتتاح مرحلة جديدة، موقنا أنّ المجلس إياه سيعبّد الطريق أمام نشوء مؤسسات منتخبة قوية، وما يترتب عن ذلك من تحول إيجابي على أكثر من صعيد.

ويدافع جودي عن حتمية المجلس التأسيسي، بكون برلمان بلاده أثبت فشله ولم يخدم الجزائر وشعبها، لذا لا بدّ من الذهاب إلى مجلس تأسيسي سيّد، كما يلاحظ رئيس الكتلة النيابية لحزب العمال أنّ خروج الجزائر من نمط الأحادية لم يرافقه صدور دستور ايجابي، جازما أنّ الدستور الحالي المعمول به منذ سنة 1996 والمعدّل جزئيا في 2008، ينطوي على سلبيات.

وعن ماهية هذا المجلس وطريقة عمله، يوضح جودي:quot;نريد مجلسا يعيّن الحكومة ويراقبها، مجلس يصوغ الدستور بكيفية تستجيب للتطلعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للجزائريينquot;، ويبدي محدثنا اهتماما بالنسج على منوال التجربة البرتغالية وانتصارها لمجلس تأسيسي.

وينبّه جودي إلى أنّ تفاعل دوائر القرار وتجسيدها رهان المجلس التأسيسي، سيكون حاسما من حيث التحول بإرادة جزائرية وقطع الطريق على أي اصلاح مفروض عبر مجلس تأسيسي حقيقي لأنّ الديمقراطية بمنظوره، سلوك يقتضي تحكيم الإرادة الشعبية صاحبة السيادة.

quot;لويزة حنونquot; الأمينة العامة لحزب العمال

بدورها، ترى quot;لويزة حنونquot; الأمينة العامة لحزب العمال أنّ المجلس التأسيسي يحدد صلاحيات رئيس الجمهورية ويتولى صياغة دستور جديد، وتشرح:quot;التسمية لا تهم، الأهمّ هي صلاحيات هذا المجلس في تعيين حكومة تكنوقراط مع مراقبتها والقدرة على استبدالهاquot;.

وعلى غرار ما ظلّ ينادي به حزب quot;جبهة القوى الاشتراكيةquot; وزعيمه المعارض quot;حسين آيت أحمدquot; منذ سنة 1963، تبرز حنون ضرورة التوجه نحو إنشاء مجلس تأسيسي لأنّ البرلمان الحالي quot;هشquot; على حد وصفها، وتذهب إلى حد الطعن في quot;مصداقيته ومشروعيتهquot;، علما أنّ حنون ظلت تطالب قبل أشهر بحل البرلمان وتنظيم انتخابات تشريعية مسبقة.

ولا تستسغ المرأة الحديدية التي حلت ثانية في رئاسيات 2009، رفض قوى الغالبية البرلمانية للمجلس التأسيسي، وتصف مبرراتهم بـquot;الغربيةquot; كقولهم أنّ ذاك سيغدو quot;قفزة في المجهولquot; ومن شأنه إعادة الجزائر إلى نقطة الصفر، في انتقاد مباشر لتصريحات زعيم حزب الأكثرية quot;عبد العزيز بلخادمquot; وكذا quot;ميلود شرفيquot; المتحدث باسم التجمع الديمقراطي.

الائتلاف الحاكم: الحل في مراجعة الدستور

ردا على دعاة انتخاب مجلس تأسيسي، يذهب قادة الائتلاف الحاكم إلى أنّ المطلب لاغ وعديم الفائدة، والحل في مراجعة الدستور لتجاوز إفرازات أي أزمة.

quot;عبد الرزاق مقريquot; القيادي في حركة مجتمع السلم الإسلامية

ويشير quot;عبد الرزاق مقريquot; القيادي في حركة مجتمع السلم الإسلامية (أحد أضلاع الائتلاف الحاكم)، أنّ حزبه لا يرى سببا لقيام المجلس التأسيسي، ويفضل بدلا عن ذلك إصلاحا دستوريا يقود إلى نظام جمهوري برلماني.

وإذ يصنّف مقري المجلس المذكور بـquot;المطلب القديمquot; لأسرة سياسية معيّنة، في إشارة منه إلى حزبي القوى الاشتراكية والعمال، فإنّ نائب أبو جرة سلطاني يبدي قناعته بأنّ المجلس التأسيسي ليس له من جديد يقدمه.

رئيس الوزراء الجزائر أحمد أويحيى

ضمن هذا المعنى، يعتبر quot;أحمد أويحيىquot; الوزير الأول أنّه لا توجد أزمة سياسية في الجزائر تستدعي حل البرلمان وتغيير النظام، ويسجّل أويحيى أنّ اللجوء إلى مثل هذا المجلس يكون في حالة وجود أزمة سياسية وشلل المؤسسات.

ومثلما قال عبد الرزاق مقري، يردف أويحيى:quot;المجلس التأسيسي لن يقدم شيئا للجزائر، ولن يعيد لها ما فقدته في سنوات المأساةquot;، مشككا في قدرة المجلس ذاته على إحراز توافق حول نمط دولة ونظام لجمهورية ثانية، وسط الوضع السياسي الحالي بما يتسم به من تركيبة وفسيفساء.

وبشأن بديل المجلس التأسيسي، يوعز أويحيى الذي يشغل أيضا منصب الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي أنّه إذا اقتضت الظروف، فإنّ الحل موجود في الدستور، محذرا من أنّ اللجوء إلى مجلس تأسيسي معناه نكران 50 سنة من وجود الدولة الجزائرية، ممن يريدون بحسبه quot;اختلاق أزمة سياسية لم تظهر بعدquot;.

وبين هذا وذاك، يدخل فريق ثالث وهو quot;حزب الفايسبوكquot; على الخط، بهذا الصدد، يورد quot;عماد فريمانquot; وquot;معمر كامليquot; أنّ المجلس التأسيسي لا يلغي كل ما سبق من ايجابيات، بل يضيف ببلورته تطلعات الشعب في التغيير السلمي الهادئ، بما سيجنّب البلد الهزات غير المضمونة العواقب، وعليه يجب تشكيل مجلس تأسيسي، فضلا عن إقالة الحكومة وحل البرلمان، وتكليف حكومة انتقالية بمهمة تحضير مشروع دستور جديد للبلاد يستفتى عليه الشعب.

ويتفق كاملي الناشط في منتدى مكافحة الفساد مع فريمان، في كون النظام لن يقبل بالمجلس التأسيسي طالما أنّ ذلك بوابة للتغيير، ويتقاطع الاثنان في كون أي نظام لا يريد أن يشرف على تغيير نفسه، في حين يعتبر quot;رشيد تلمسانيquot; أنّه من الطبيعي أن يعارض الائتلاف الحاكم نشوء المجلس التأسيسي، لأنّ ميلاد الأخير يعني زوال من ينعتها quot;أحزاب الإدارةquot; التي تعمل باعتقاده على فرملة إرادة التغيير، وتستبسل في سبيل تغيير الواجهة فحسب، ما يفسر تحوّل رموز تلك الأحزاب من أسباب للتغيير إلى دعاة له في الأسابيع الأخيرة.