الفصل السابع من كتاب quot;صوت سنبلة قمح لم تولدquot;
السطو على بيوت العراقيين المهجّرين
نصيف الناصري: في بيت أهلي كان يشاركني النوم في غرفتي، سنوات الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي. أمي وأخي الأصغر. الغرفة صغيرة ومليئة بالكتب والمجلات والاثاث المكركع. طوال النهار أقضي يومي خارج البيت وأعود بعد منتصف الليل. مرة دعاني أبي وكانت نيران الغضب تستعر في كلامه وقال لي: {اسمع يا حيوان. لماذا لا تحاول أن تتزوج ويكون لك بيتك الخاص ؟} أجبته: {كيف أتزوج ويكون لي بيتي الخاص وأكثر من نصف راتبي أصرفه عليك وعلى أمي ؟} أبي وأمي لا يعملان وهما عجائز. قال: {أمامك الحل السهل. أولاً تنقل سجل نفوسك من محافظة الناصرية الى محافظة كركوك وستحصل على بيت و10000 دينار من الحكومة. تستطيع فيها أن تتزوج وتفتح مطعماً أو صالون حلاقة وتشتري سيارة وتطبع كتبك التافهة. ثانياً تكتب عريضة الى الريس. تطلب فيها الحصول على بيت أحد العوائل المهجرة في بغداد كما يفعل الكثير من الشعراء والكتّاب}. يا إلهي. طبعاً أبي يعرف أو لا يعرف أن نقل سجل نفوسي من الناصرية الى كركوك يعني انني سأسطو على بيت أحد المواطنين الكرد أو التركمان المهجرين الى محافظات أخرى بعد أن تم طردهم من بيوتهم حسب حملة التطهير العرقي التي قام بها نظام صدام حسين، ومن دون تعويضات. شرحت لأبي عدم اخلاقية هذا الأمر فاقتنع تماماً. بعد نهاية حربنا مع ايران وبالتحديد في عام 1989 راح بعض الشعراء والكتّاب وشرائح أخرى من المجتمع. يكتبون عرائض الى الرئيس يطلبون فيها تمليكهم بيوت المواطنين العراقيين المهجرين الى ايران وأولئك الذين غادروا العراق بسبب معارضتهم لنظام الطغيان الى بلدان أخرى. احدى الشاعرات كتبت عريضة الى صدام تطلب فيها تمليكها بيت عائلة مهجرة، فتم تمليكها بيت من طابقين يقع بجوار مصرف الرافدين بمدينة الكاظمية وقامت دائرة الانشاءات الهندسية في ديوان رئاسة الجمهورية بتجديده واصلاحه. بعد سنوات قليلة اشترت شقة ضخمة وراقية في شارع حيفا. لست أدري هل باعت بيت العائلة العراقية المهجّرة التي كانت تزيّن صالة الاستقبال فيها صورة لها بملابس الجيش الشعبي مع صدام حسين وهو يبتسم ابتسامة صفراء ؟ الآن هي صاحبة جائزة شعرية تطبع وتوزع الجوائز باسمها سنوياً.

الشاعرات والعمل في التلفزيون
بعض الفتيات اللاتي يقرزمن الشعر في عالمنا العربي ويعملن في القنوات التلفزيونية، ما ان تصدر احداهن مجموعتها الأولى حتى تفعل العجائب في التسلق ومحاولات الظهور من أجل الشهرة التافهة. تعتقد كل شويعرة منهن أن الظهور عبر الشاشة الفضية من خلال برامج منحطة عن الممثلات والممثلين والقال والقيل، كفيل بتحقيق الأمجاد لها. كل رواتبها تذهب الى نشر خواطرها السخيفة من أجل تحقيق الشهرة الشعرية المزعومة. طبعاً نحن نعرف أن الكثير من العجائز المتصابين والتافهين ممن يملكون قنوات تلفزيونية شعبية. يبحثون عن فتيات صغيرات تغطي الأصباغ وجوههن ويتمتعن بقدر ضئيل من الثقافة العامة لتجنيدهن في العمل بهذه القنوات التي تقدم التسلية الهابطة لقطعان متتعددة من البشر. أحياناً تصيبني الحيرة وأقول: ما الذي يجبر المرأة الشاعرة في أن تعمل بقناة تلفزيونية تقدم برامج الانحطاط والتسلية التافهة ؟ بشرفي شاعرات بعيرات ومنحطات ومزعومات. الأجدر بهن أن يتركن الشعر ويتعلمن فنون الطبيخ والخياطة والثقافة الجنسية. جلاّقات. جلاّقات كبيرات. أعرفهن منذ دهر طويل.

قبضاي أم رئيس برلمان؟
{الدكتور محمود المشهداني: رئيس البرلمان العراقي. كان طبيب أسنان وله عيادة خاصة في بغداد قبل أن يدخل الحياة السياسية، وكان قبل ذلك ضابطاً في الجيش العراقي. سجن فترة من الزمن ثم ذهبت والدته {كما يذكر ذلك شخصياً في مقابلة تلفزيونية} الى بعض المسؤولين في نظام صدام حسين وتوسطت لاخراجه. يتمتع المشهداني بروح دعابة وعفوية تضفي على لقاءاته، حتى الجدية منها، مسحة من البساطة والمزاح. مثلاً، ذهب في زيارة برلمانية الى بريطانيا واصطحب معه نائباً اسلامياً متشدداً يعتمر عمامة، ولحية، فقدمه اليهم ممازحاً: {أقدم لكم الشيخ اسامة بن لادن} وهو الى جانب ذلك سريع الغضب والانفعال. قد يلجأ الى استخدام يده إن عجز لسانه من النيل من خصومه، وقد كان ذلك سبباً في محاولة اقالته بالقوة بعد اعتدائه لفظياً وبدنياً على نائب من الكتلة الشيعية.} (المصدر: ويكيبيديا. الموسوعة الحرّة)

فراديس دموعنا التي تمحو الزمان

عطرها الميت في الحديقة، تعبث به الريح
والقبر يطير فوق أجمات تطرد الأسرار.
منذ عهود والاسم يبحث عن هيكله العظمي.
وجهها غير المرئي، وأشجار نهديها العاريين
التي تظلل فصول السنة، وسرتها المرسومة
على شكل نهر والشبيهة بعين تفاحة. جواهر
تضيء وسط شقوق السأم. كلانا كان ميتاً،
وفي تعاقب الأيام تذكرني تنهداتها بتنفسات القرون
المنوّرة، بالتقمصات والتيقظات المرفرفة عبر
الدائم والمتحول، عبر الزائل واللامرئي، بعري
الانسان الطويل على شواطىء نومه المروّعة وهو
يخرج من جليد الكهف والمغارة، الى بذور شمس
البيت والسرير. ينبغي أن نرفع حلماً مقدساً جديداً
على فجرالعالم، من أجل خلود القيمة المتحققة لوجودنا
من أجل عهد وثيق مع المجرات والملائكة الذين يحرسون
أغصاننا وأبواب هواجسنا، ويروّضون المادة المظلمة
لمرآة لحظتنا الفريدة، من أجل التضرعات المتقشفة
لآلهتنا العنيدة، وصرخاتنا التي تتعدد وتتوحد في صراعنا
ضد الحتميات. هل ننحدر ما بين انفصام الارادة والرغبة
صوب أرض النسيان ؟ ما هي الغاية التي تتحرك نحوها
شرارة التاريخ ؟ لماذا نتأخر دائماً عن رمي الجثث فوق
الروث ؟ لا ثمرة ولا برهان. هل لنا أفق آخر نملكه ولا
يملكنا، حين نتثاءب أمام جدران كهوفنا المتصدعة ؟
عصور كثيرة تقدمت ونحن نتسلق شجرة الدورة الأبدية
للخليقة، من دون أن نفكر بثمرة ما، والزمان سلم ننزل
منه لنذوب في ظلمة الطبيعة وننسج ثياب موتنا خيطاً، خيطاً.
أصوات زهور حبنا اللامورقة، تهدد في انفصال الكلمة عن
الفعل. نوم الآلهة تحت النجوم، وكلما ارتفع غصن من
أغصان التحنيط ونوّر الأرض كلها. نحمل قرابيننا ونتقدم
باتجاه هاوية الموت والميلاد. أرق الزوال وومضات فراديس
دموعنا التي تمحو الزمان. يبعثران جميع العلامات التي
رفعها الحب في الطرقات المظلمة والمتعرجة.

بيض ومؤلفات حرامي بغداد
على الرغم من عدم تأثر الأسواق بالعراق وخصوصاً في المواد الغذائية للناس في سنوات الحرب مع ايران التي امتدت الى 8 سنوات، لكن البيض والزبد والأجبان هي المواد الوحيدة التي كانت تختفي في أحيان كثيرة. تذهب الى الحوانيت وتسأل عنها، فيكون الجواب دائماً هو {ماكو بيض ماكو زبد ماكو جبن}. خال الرئيس وأبو زوجته الذي استحق تسمية {حرامي بغداد} بعد أن استحوذ بالقوة والترهيب والترغيب على الكثير من بساتين المواطنين وأموالهم وبيوتهم وسياراتهم وأراضيهم الزراعية. بعد أن أصبح مليارديراً كبيراً. تفتقت عبقريته التجارية عن انشاء {الجمعية الاستهلاكية لموظفي الدولة} التي انتصبت بعمارتها العالية في شارع الرشيد. توجد في هذه الجمعية كل المواد الغذائية التي تفتقدها أسواق بغداد ومنها البيض الذي يتوفر دائماً. قبل افتتاح جمعيته الاستهلاكية. كان حرامي بغداد قد كلّف مجموعة من جلاوزته المزوّرين أن يقوموا بتأليف الكتب باسمه باعتباره مؤرخاً. صدرت له في البداية موسوعة من 43 مجلداً بعنوان {كنتم خير أمة} وأعقبها بكتابه {نضالي} ووالخ. الموسوعة تتحدث عن التراث العربي والشعر وأيام العرب وخزعبلات غريبة عجيبة لا يربطها رابط. أمّا {نضالي} فيتحدث عن تدخله في محاكم الأحوال الشخصية عندما كان محافظاً لبغداد في بداية سنوات السبعينيات، ومنعه القضاة من اصدار الاحكام في القضايا والمشاكل الزوجية والطلاق، بحجة المحافظة {على الرباط الزوجي ومنع الأطفال من الضياع} ومديح بعض الشعراء والصحفيين له، {خبر من الله طلّ وفاح} وسواها من الأشياء الرعناء التي لا تدخل من ضمن اختصاص وظيفته. جمعيته الاستهلاكية تبيع كل شيء الى الشخص الموظف في الدولة، لكن المشكلة التي كان يعاني منها أغلب الذين يتسوقون بضائعهم من تلك الجمعية. انها تجبرهم اذا أرادوا شراء طبق بيض {سعره 600 فلس} على شراء أحد كتبه. كل كتاب سعره ثلاثة دنانير ونصف. ما العمل ؟ لا بيض إلاّ في جمعية الحاج الحرامي المؤرخ وخال الرئيس. كانت الناس تجبر على شراء طبق البيض ومعه كتاب عن القومية العربية أو الجغرافيا البحرينية أو الوضوء أو غزوات القبائل من تأليف مؤلفنا الموسوعي المزعوم وبثمن يتجاوز ثمن طبق البيض ب 6 مرات.
جان دمّو والجلاد
جان دمو: انها أغنية يا سيدي
الجلاد: لا، انها قنبلة
جان دمو: ولكنها أغنية يا سيدي
الجلاد: قلت لك انها قنبلة
جان دمو: لماذا لا نغني معاً ؟
الجلاد: أخشى أن تنفجر
جام دمو: لن تنفجر. أستطيع أن أؤكد ذلك
الجلاد: هيا، ابدأ أنت أولاً
جان دمو: {بامتعاض} اشتريتُ بنطالاً من الصوف
الجلاد: {مقاطعاً ومقهقهاً} ونطحك الخروف.

بخل بيكاسو
منذ اسبوع وآنّا غاضبة مني بسبب عدم تنفيذي لرغبتها في رفع لوحات بيكاسو من جدران مطبخ شقتي. هي الآن تكره بيكاسو بشدّة. بدأ غضبها ضده بعدما شاهدنا فيلم يدور عنه وعن نساؤه. تسلطه وخياناته وبخله الذي يثير حفيظتها ويجعلها عصبية كلما نظرت الى احدى لوحاته المعلقة على الجدران. قبل مشاهدتنا للفيلم كانت قد قرأت سيرة فرانسواز جيلو أصغر زوجات بيكاسو، وراحت تحدثني عن بخله وطباعه الاسبانية، وعن طرده لسائقه مارسيل بعد خدمة ربع قرن: {تلزمه الآن بذلة جديدة. هو يستهلك ألبسة أكثر مني، وقريباً سوف يريد أن يسوق بالسموكينغ}. أبلغت آنّا نهار أمس انني أحب هذه اللوحات التي تزين جدران مطبخي ولا أريد أن أرفعها. اقترحت أن أضع لوحات فان كوخ المعلقة على جدران غرفة النوم في المطبخ وأرفع لوحات بيكاسو وإلاّ فانها لن تغفر لي.
ما العمل الآن ؟ اير بآنّا وكس أخت بيكاسو. ساترك الوضع على ماهو عليه وليكن مايكون.

سرير الموت المعلق على الخيط الرفيع

الوعود التي تلقتها البشرية عبر عصور التاريخ المختلفة من خلال الأديان والفلسفات والثقافات التي شكلت وعي الانسان، حول مشكلة الموت والفناء واستحالة وجوده على الأرض. لا تعبر بجدية عن مجمل المخاوف والآمال التي يطمح اليها من يتوق الى الخلود. لا خلود ولا بعث ولا وعد بجنة ما أو حياة أخرى. في النهاية وعلى الرغم من صعوبة اقناع أولئك الذين يأملون في فكرة البعث التي لا تتطابق مع فكرة الخلود، فأن الحياة يجب أن تعاش حتى آخر لحظة عبر لحظات السرور والألم التي يجب أن لا تنسينا اننا ننام في كل آنٍ على سرير معلق على الخيط الرفيع لتنفسات الموت. الأدوية والعقاقير التي تصنف لنا في كل دين وكل فلسفة وكل اسطورة، حول تهدئة مخاوفنا من الحقيقة المطلقة لزوالنا الوشيك وقصر حيواتنا التي يستلبها منّا العالم في كل حينٍ. تبقى مفيدة وضرورية لاشباع رغبات أولئك البشر الذين يعانون من الاضطرابات النفسية وعدم مقدرتهم على التعايش مع موتهم وعبثية وجودهم في العالم.

موت جديد
سنخترع موتاً جديداً وننام فيه مثل نوم النحلة. موت نتحدث اليه ويصغي لكلماتنا المفتوحة لأبواب الصيف. سنقرأ خطوطه اللامكتوبة ونمشي بين أروقته المضيئة بصمتها الذي يزوّج الثلج. أصابعنا الموشومة تكبر تحت القناديل المنشورة في الليل. في الظلام. في الأدراج التي ينمو فيها الطحلب. تتقدم جمرة وتوسع الأرض الليلية ذات الأنهار المزدوجة، وكما يسيل البكاء من الأشجار المهمومة. يلمع سيف الرغبات ويضيء الهاوية التي تتلبسنا.

كرامة الحبّ
بحثاً عن مضمون معقول لهذه الساعات الضئيلة الممنوحة لنا والمعلقة فوق خيوط الفجر. نضيع فطنة العيش في الدراسة عن العلل والغايات. تسوس. هذيانات. ما يحدث دائماً يجردنا من كل ممارسة حقيقية. كرامة الحب يجب أن تصان بعيداً عن أولئك الذين يشحذون حواسهم مع كل رخّة ضجر.

التصدي لأمريكا بالبعران
في الذكرى السابعة لهزيمة صدام حسين من الكويت عام 1997. وزعت وكالة الأنباء العراقية مقالاً كتبه صدام تحت عنوان {خواطر في الذكرى السابعة لأم المعارك الخالدة} ونشر في الصحف وتمت قراءته عبر الاذاعة وقنوات التلفزيون العراقية. القائد العام لقواتنا المسلحة وحامل أكبر رتبة عسكرية في العالم {مهيب ركن} تحدث في خواطره هذه عن ادارته للمعركة وتصديه للتحالف الدولي الذي شنّ الحرب ضده من أجل طرده من الكويت، وخططه العسكرية ونظريات السوق وستراتيجية الكرّ والفرّ، لكن أغرب ما ورد في خواطره هذه هي قوله: {ونظراً لكثافة الطيران المعادي، فقد كلّفتُ الفريق عزت الدوري أن يشتري 5 آلاف بعير ويحمّلها بالماء والعتاد والطعام ويرسلها الى الخطوط الأمامية لجبهة الحرب}. لا تكمن الغرابة هنا في التصدي لأمريكا بالبعران من قبل مهيبنا الركن الدونكيشوتي، بل في تلك الليلة التي سبقت اعلان الحرب وأمر فيها الطيارين العراقيين أن يطيروا الى ايران ويتركوا طائراتهم الحربية {136 طائرة} هناك حتى لا يتم قصفها من قبل قوات التحالف. هل هذه المصيبة أغرب من مصيبة أوامره في الأيام الأولى لتلك الحرب لقوات الجيش الشعبي والجهاز الحزبي والوحدات العسكرية المنتشرة ببغداد. حول {ضرورة القيام فوراً بتغطية الجسور بالحشائش وأكياس القنب حتى لا تكتشفها الطائرات الحربية الأمريكية} المزودة بأشعة اللييزر وتقصفها ؟. ماذا كانت النتيجة ؟ تهدمت الجسور وتهدم العراق وشعبه. أحد الصحفيين العراقيين واسمه فاروق الصالح. حين قرأ خواطر صدام تلك، كتب مقالاً ونشره في الصفحة الأخيرة عام 1997 في صحيفة {بغداد} التي تصدرها حركة الوفاق الوطني تحت عنوان {قائد البعران}.

قتلى الحروب
واحداً بعد واحد قُتلوا في الحروب. أصدقاء جميلون وفقراء ولكثير منهم رغبات وأحلام جليلة.

نحو شعرية جديدة
كان اكتشاف الغريب واللامتوقع والسعي الدائم الى الماوراء ونبذ المألوف، هو ما ركزت عليه السوريالية في بحثها عن فن وأدب ينطلق من اللاشعور والأحلام والهذيان والجنون. في شعرنا العربي الذي أثقلته حمولات الآيديولوجيات السياسية القومية والماركسية والطائفية في القرن الذي مضى وحتى الآن. لا نجد أثراً لهذه المفاهيم والتجارب التي منحتها السوريالية دفعاً قوياً عبر ابداعات كبرى في قارات العالم المختلفة. هل يستطيع الشاعر العربي الخادم للسياسي ورجل الدين و {مطرب الجماهير} الغبية التي لا تفهم دائماً. بثقافته التراثية وأخلاقه القروية المنحطة وسلامه الروحي مع مجتمعه بكل أشيائه الثقافية والدينية والسياسية الراكدة. أن يسعى خلف اللامتوقع واللاشعور وما وراء الواقع العربي الذي تثقله الممنوعات والتصورات والأفكار الدينية والسياسية المتسلطة ؟ آن الأوان الآن لنرمي بكل انجازات شعرنا في القرن الماضي الى الحضيض ونسعى الى تأسيس شعرية جديدة تطرد القارىء الغبي والسياسي الغبي والآيديولوجي الغبي.

موت العصفور في أرض غريبة
حبّة قمح عمياء تبحث عن أرض محروثة. قادها عصفور الى نبع. في العام التالي مات العصفور في أرض غريبة. حبوب قمح كثيرة ناحت عليه طوال الصيف.

حجج الاسلام والمسلمين
كان مشهد بعض أصدقائي الشعراء، وكتّاب المسرح الذين تخرجوا في معهد وكلية الفنون الجميلة بعد زوال نظام الطغيان، في القناة الفضائية العراقية ضمن برامج ثقافية بائسة. من أغرب المشاهد المؤلمة في حياتي الأدبية. هؤلاء الأصدقاء الذين طالما سعوا الى الانعتاق من العبودية التي فرضها المجتمع المتخلف والنظام السابق وحلموا بالحرية والسفر والابداع الجديد عبر مجموعات أصدروها ومسرحيات كتبوها ونظّروا لها ومثلوا فيها. عادوا الآن بعد الزلزال الذي ضرب نظام صدام حسين الى حظيرة الطائفة عبر ارتداء البعض منهم للباس الديني والعمامة واطلاق اللحية، والبعض الآخر سافر الى مكة وأدى فريضة الحج. مقدم البرنامج في الفضائية العراقية يسأل أحد الشعراء: {حجي، في شعرك السابق تتحدث عن بريجيت باردو والحانات} وقبل أن يكمل سؤاله يقاطعه حجة الاسلام والمسلمين بقوله: {والله أنت تعرف جرائم النظام السابق والحياة كانت صعبة} الخ. هل من المعقول أن يعتم الشاعر والفنان والمخرج المسرحي الآن، بعمّة ويطلق لحيته الى نحره ويتحدث عن التجريب والمغامرة والتجاوز ؟ يبدو أن هؤلاء لم تكن لديهم أصلاً، أحلام وقلق ولا يقين وسأم من الوجود والعالم. لست أدري هل يود هؤلاء أن يصبحوا مثل مقتدى الصدر الذي يسعى الآن وهو يدرس في ايران الى نيل لقب حجة الاسلام والمسلمين ؟

العنصرية في التقرب الى الله
{قد عرفت أن الذكورة شرط في وجوب الجمعة، فلا تجب على المرأة، ولكن تصح منها اذا صلّتها بدل الظهر. وهل الأفضل للمرأة أن تصلي الجمعة، أو تصلي الظهر في بيتها ؟ في ذلك تفصيل المذاهب، أما غير المرأة ممن لا تجب عليهم الجمعة، كالعبد فانه يستحب له حضور الجمعة.
1. الحنفية قالوا: الأفضل أن تصلي المرأة في بيتها ظهراً، سواء كانت عجوزاً أو شابة، لأن الجماعة لم تشرع في حقها. 2. المالكية قالوا: ان كانت المرأة عجوزاً وانقطع منها أرب الرجل جاز لها أن تحضر الجمعة، وإلاّ كره لها ذلك، فان كانت شابة وخيف من حضورها الافتتان بها في طريقها أو في المسجد، فانه يحرم عليها الحضور دفعاً للفساد. 3. الشافعية قالوا: يكره للمرأة حضور الجمعة مطلقاً وغيرها أن كانت مشتهاة، ولو كانت في ثياب رثة، ومثلها غير المشتهاة ان تزينت أو تطيبت، فان كانت عجوزاً وخرجت في أثواب رثة ولم تضع عليها رائحة عطرية، ولم يكن فيها للرجال غرض، فانه يصح لها أن تحضر الجمعة بدون كراهة، على أن ذلك يتم بشرطين: الأول: أن يأذن لها وليها بالحضور، سواء كانت شابة أو عجوزاً، فان لم يأذن حرم عليها. الثاني: أن لا يخشى من ذهابها للجماعة افتتان أحد بها، وإلاّ حرم عليهاالذهاب. 4 الحنابلة قالوا: يباح للمرأة أن تحضر صلاة الجمعة بشرط أن تكون غير حسناء، أما وان كانت حسناء فانه يكره لها الحضور مطلقاً.} (عبد الرحمن الجزيري quot;الفقه على المذاهب الأربعةquot; الجزء الأول. كتاب الصلاة ص 297 )

ينسى الله وينسى صلاته ويتحرش بالمرأة
قُل للمليحة في الخمار الأسود
ماذا فعلتِ بزاهد متعبد ؟
قد كان شمّر للصلاة ثيابه
حتى خطرتِ له بباب المسجد
ردي عليه صلاته وصيامه
لا تقتليه بحق دين محمد.

جان وفتاة الحانة
فتاة الحانة: جان. اللعنة. هيّا ضاجعني
جان دمو: اوه، يا إلهي، اذهبي الى الجحيم
فتاة الحانة: ضاجعني. لماذا لا تضاجعني ؟
جان دمو: اذهبي ضاجعي نفسك بقذيفة مدفع
فتاة الحانة. فرجي. فرجي سينفجر
جان دمو: ادهنيه
فتاة الحانة: دهنته
جان دمو: افركيه
فتاة الحانة: فركته
جان دمو: اوه، اللعنة.
مفارقات المعارضة لنظام صدام حسين
عام 1996. أعملُ في حركة الوفاق الوطني المعارضة لنظام صدام حسين في العاصمة الأردنية. أكتب ريبورتاجات صحفية اسبوعية في صحيفة الحركة {بغداد} ومتابعات وتحليلات اخبارية وتمثيل اسكيتشات في اذاعة {المستقبل} التابعة للحركة. تستهدف وتسخرمن رموز نظام الطغيان. الدافع عندي كان وطنياً واخلاقياً في الكشف عن وحشية وتعرية سياسات وطغيان نظام الديكتاتور صدام حسين. أبي المريض والعجوز وأخي الذي يصغرني ببغداد يعانيان من مضايقات مديرية الأمن العامة، بسبب نشاطي المعارض. يعمل معي في مقر الحركة مجموعة من الكتّاب والشعراء والفنانين. في الجهة الأخرى تضم الحركة خليط غير متجانس من الشخصيات العراقية المعارضة. عميد في الجيش. عقيد، رئيس أركان فيلق. وزير اعلام سابق. سفير. سفير ووزير سابق. جنرال برتبة لواء مؤسس صنف القوات الخاصة في الجيش العراقي. ملحق عسكري برتبة لواء في دولة اوروبية. مدير وكالة الأنباء العراقية السابق ومدير المركز الثقافي العراقي في الرباط الخ. كانت المشاكل والحساسيات الشديدة عند أعضاء الحركة كثيرة وكبيرة، بسبب سعي أغلبهم وخصوصاً الجنرالات للحصول على المناصب والامتيازات والتقدم الى الواجهة. كنت عندما ينتهي عملي، أذهب الى البيت والتقي في أحيان كثيرة بعض الأصدقاء في مقهى {السنترال} أو في حانة ما. هؤلاء الأصدقاء هم شعراء وكتّاب لا يجدون أيّة فرصة عمل لهم في عمّان. يعانون من شظف العيش ويسكنون في غرف تضم كل واحدة أكثر من 5 فنانين وشعراء وكتّاب. الصحفيون والشعراء الذين يعملون معي في الحركة. بعد أن انتفخت كروشهم وتوردت خدودهم بسبب الرواتب العالية، وكانوا قبلها يعيشون كما يعيش أولئك الأصدقاء الفقراء. قطعوا علاقاتهم مع الجميع واختفوا تماماً من المقاهي ومن مركز المدينة. وصاروا يلومونني على لقائي بأصدقائي الذين لا يعملون معنا. بعد شهور سيشون بي الى مسؤول الأمن في الحركة بقولهم انني التقي أشخاصاً من خارج الوفاق وربما يكون من بين هؤلاء من هو مدسوساً. اكذوبة أعرفها. هم يحرصون على ادامة بخلهم ونذالاتهم القديمة. البعض منهم راح يتوسل الى بعض المسؤولين ويطلب مساعدته في الزواج من نساء بالعراق. كان تهافتهم على الجنرال والسياسي وخدمتهما وطاعتهما مهزلة كبيرة بالنسبة لي. منعوني من الذهاب الى غاليري {الفينيق} واللقاء بعبد الوهاب البياتي وحسب الشيخ جعفر وأصدقاء آخرين. الحجة التي قدموها لي هي خوفهم من أن تقوم مخابرات صدام حسين باغتيالي. اكذوبة أخرى أعرفها. حين لم امتنع من الذهاب الى لقاء الأصدقاء في المقاهي والحانات. قاموا بفعل دنيء ضدي بالتعاون مع المسؤول الأمني للحركة. في يوم ما عدت من العمل الى البيت بعد الساعة الثانية ظهراً. كانت تقف في مدخل بيتي سيارة شرطة. ما أن هممت بفتح الباب حتى ترجل منها 3 رجال. {شو اسمك وَلَك ؟ شو شربان ؟} أخبرتهم اسمي وقلت لهم انني شربت الماء والشاي. قال الضابط {اسكت ولك. ترى أدعس شاربك بالبسطار يا حمار يا عرس}. {لماذا تدعس شاربي بالبسطار ؟ لم أفعل شيئاً. عندي اقامة سنوية وأعمل في جهة معارضة لنظام صدام حسين} قلت له. صرخ في وجهي بغضب {وتسب على الرئيس صدام يا حيوان يا بن الشرموطة ؟}. اقتادوني الى سجن يقع في ساحة {العبدلي}. بقيت هناك مدة اسبوع كامل من دون أن يسمحوا لي بالاتصال بأحد ولا أعرف ما هي التهمة الموجهة إليّ. بعدها أخذوني الى مبنى المخابرات الأردنية لأقابل أحد الضباط بلباس مدني. عرفتُ منه انني لست مذنباً ولا مجرماً ولا تهمة ضدي، ولكنه طلب مني أن لا التقي أصدقائي في المدينة ولا أذهب الى غاليري الفينيق. قدم لي الشاي والسكاير وأمر أن يعيدوني الى بيتي. أعرف أن هذه قرصة اذن ورسالة من أولئك الأصدقاء الذين يتآمرون ضدي بسبب صرفي راتبي على بقية أصدقائي العاطلين عن العمل. بعد أن امتنعت من الذهاب الى المقاهي وحانة {الياسمين} حيث يتواجد حسب وعبد الوهاب كل يوم. قامت دورية شرطة وكانت تترصدهم وتنتظرهم مسبقاً، في يوم ما بعد الساعة الواحدة ليلاً بتوقيف هؤلاء الوشاة حين خروجهم من حانة {الياسمين} واقتادتهم الى أحد مراكز الشرطة لسكرهم الشديد. نفس الشيء الذي حصل لي حصل لهم. بعد شهور سيتم طرهم من العمل في حركة الوفاق وسيعودون للسكن في غرف العاطلين عن العمل والفقراء الذين استقبلوهم برحابة صدر أوسع من دناءاتهم ونذالاتهم.
العيش في البلاهة
يغلب على أولئك الذين لهم القدرة على العيش في البلاهة، أن يصبحوا رؤساء وأمراء وجنرالات وأثرياء. ما يثيرنا دائماً، هي الترددات ما بين الغش والنزاهة، لكننا ننسى في غمرة انشغالاتنا. أن الحمق هو الطريق الوحيد الذي يوصل الى العبقرية.
مخاريق كاذبة
{حمل النائب جلال الدين الصغير منظمات المجتمع المدني المسؤولية عما دعاها بظاهرة انتشار الخمور في العراق، مضيفا أن لديه معلومات وصفها بـ quot;المؤكدة quot; عن تلقي تلك المنظمات مبالغ من quot; جهات دولية quot; لفتح محال لبيع الخمور. وأضاف الصغير خلال جلسة تداولية لمجلس النواب أن الجهات الدولية التي لم يسمها تدفع مبالغ تتراوح بين 20 ألف إلى 30 ألف دولار الى منظمات المجتمع المدني لفتح هذه المحلات، وقال ان هذه الجهات تمارس غزواً ثقافيا جديداً ضد العراق. وفي حين شبّه الصغير الظاهرة بالثورة على المجتمع العراقي، أعرب النائب النائب أبلحد أفرام عن دهشته لطرح الموضوع، لافتا الى أن بيع الخمور موجود منذ تأسيس الدولة العراقية ولم يظهر فقط بعد عام 2003.} (خبر نُشر بموقع {صوت العراق} في 19 / 5 / 2009)
[email protected]