في 19 أبريل / نيسان 2005 أصبح الكاردينال الألماني جوزيف الويس راتستينغر بابا الفاتيكان الـ265 خلفا للبابا البولندي المتوفى يوحنا بول الثاني، وصار يعرف بالبابا بنديكتوس السادس عشر.

وعندما انتخب للكرسي الأعلى في الكنيسة الكاثوليكية كان بنديكتوس في سن الثامنة والسبعين، وجعله هذا الأكبر عمرا لدى توليه ولايته بين بين سائر بابوات الفاتيكان منذ العام 1730. وقبل انتخابه لكرسي البابوية كان الأكبر عمرا وسط الكرادلة منذ العام 1724. وهو تاسع ألماني يتولى هذا المنصب. وسمى نفسه بنديكتوس السادس عشر تيمنا بالبابا الإيطالي بنديكتوس الخامس عشرالذي امتدت ولايته من 1914 إلى 1922.

ولد جوزيف راتستينغر في 16 ابريل 1927 في ماركتل، ولاية بافاريا، الابن الثالث والأصغر لأبيه الشرطي جوزيف راتستينغر الأب وأمه ماريا النازحة من تيارول (في إيطاليا الآن). ولأن أباه كان معاديا للنازية فقد اضطر للعيش في بلدة أشاو على الحدود مع النمسا. وهنا تلقى جوزيف الابن تعليمه في مدرسة صارت تحمل اسمه منذ العام 2009.

ومضى راتسينغر في تعليمه العالي حتى صار محاضرا في اللاهوت بجامعة بون في 1959، ثم في جامعة مونستر في 1963. ولمع اسمه الأكاديمي داخل الكنيسة الكاثوليكية حتى عينه البابا بولس السادس (1963 - 1978) كبير أساقفة ميونيخ. وبعد فترة وجيزة، في 1977، عين كاردينالا في المجلس البابوي بالفاتيكان.

وفي 1981 عينه البابا يوحنا بولس الثاني مسؤولا عن دراسات الفاتيكان الدينية. وترقى في المناصب الكنسية حتى انتخب في 1998 نائبا لعميد quot;كلية الكرادلةquot; ثم عميدها في 2002. وعندما انتخب بابا الفاتيكان في 2005 كان أول عميد لكلية الكرادلة يرقى الى المقعد الأعلى وذلك منذ العام 1555.

وحتى قبل انتخابه للبابوية كان راتسينغر من أكثر الكرادلة نفوذا في بلاط الفاتيكان وأقربهم للبابا يوحنا بولس الثاني. وباعتباره عميدا لكلية الكرادلة، أشرف على مراسم جنازة سلفه هذا وعلى القداس السابق مباشرة للاجتماع السري الذي انتخب فيه هو نفسه بابا الفاتيكان الجديد في 2005 وأعلن أنه يريد أن يعرف باسم بنديكتوس السادس عشر.

وبالإضافة الى الألمانية، لغته الأم، يتحدث بنديكتوس عددا من اللغات بطلاقة وهي الفرنسية - التي يعتبرها لغته الثانية - والإيطالية والانكليزية والاسبانية، ويتحدث أيضا شيئا من البرتغالية. وهو قادر على قراءة الاغريقية القديمة والعبرية التوراتية، كما أنه عضو في عدد كبير من الأكاديميات ومنها الفرنسية. وهو عازف أيضا للبيانو ويفضل أعمال باخ وموزارت بشكل خاص. وبنديكتوس هو مؤسس وراعي quot;مؤسسة راتسينغرquot; الخيرية التي يمولها من مبيعات كتبه ومقالاته بغرض توفير المنح الدراسية للطلاب الفقراء حول العالم

يعتبر بنديكتوس quot;أكاديمياquot; صارما مفتقرا الى الجاذبية الشخصية بالمقارنة مع سلفه يوحنا بولس الثاني، الذي كان يتمتع بشعبية أقرب لما يتمتع به نجوم كرة القدم والغناء. وحتى الآن ظلت صورته ترتبط بأحد أسوأ الفصول في تاريخ الفاتيكان، أو سلسلة فضائح الاستغلال الجنسي للأطفال على أيدي القساوسة الكاثوليك.

وهذا رغم أن هذا الفصل بدأ في أروقة الكنيسة الكاثوليكية منذ خمسينات القرن الماضي، وإن كان العام 1985 هو تاريخ أول قضية تجتذب الأضواء عالميا في هذا الصدد. وفي هذه القضية أقر القس غيلبرت غوته، من أبرشية لافاييت بولاية لويزيانا الأميركية، بالذنب في 11 تهمة تتعلق باستغلال الأطفال جنسيا.

وكانت هذه بداية طريق صعب وطويل إذ اتضح أن تلك الممارسات quot;شبه شائعةquot; في الولايات المتحدة وآيرلندا وكندا، قبل أن يتضح أيضا أنها تنتشر بقدر غير معلوم في السواد الأعظم من الكنائس الكاثوليكية حول العالم. وبنديكتوس، باعتباره رأس الكنيسة ، يجد نفسه في وضع حرج للغاية لأنه متهم بالتستر على تلك الممارسات.

وبلغ الأمر بلغ حد أن كلاً من المحامي الأميركي، جيف أندرسون، وعالم الأحياء والمفكر البريطاني، رتشارد دوكينز، أعلن سعيه لإجبار البابا على الوقوف أمام القضاء متهما بالتستر على جرائم كنيسته، وهذه سابقة في تاريخ الفاتيكان الحديث على الأقل.